المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

562

ذكرناه: من دعوى كون التخصيص متّصلاً بعلم المخاطب بالأحكام الضرريّة، ويحتمل كون المقصود بها دعوى كون التخصيصات بعنوان واحد، وهو عنوان الأحكام التي تكون ضرريّة من أصلها.

أمّا على الاحتمال الأوّل فقد عرفت ما فيه. وأمّا على الاحتمال الثاني فيرد عليه: أنّ تلك الاُمور خرجت بعناوينها الخاصّة من الجهاد، والخمس، والزكاة وغير ذلك، لا بهذا العنوان الذي انتزعه العلماء بعد ذلك من تلك الأحكام، وهو الحكم الضرري من أصله كما هو واضح.

الجواب الرابع: ما جاء في كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) حيث أشار الى كون جعل تلك الأحكام الضرريّة معلوماً من قبل(1). ولعلّ مقصوده بذلك: أنّ المخصّص لمعلوميّته يصبح كالمتّصل، فلا ينعقد إطلاق، ولا يبقى قبح.

ويرد عليه: أنّه لو كانت هناك قرينة على اعتماد المتكلّم على علم المخاطب في مقام البيان، فهذا يرفع القبح بلا إشكال، أمّا إذا لم تكن قرينة من هذا القبيل كما في المقام، فقبح كثرة التخصيص باق على حاله، فيا تُرى لو قال الشارع: لا حكم ضرري في شريعتي، فقيل له: إنّ الخمس ضرري، فأجاب: كنتم تعلمون بذلك، وقيل له: الزكاة ـ أيضاً ـ ضرريّة، فقال: هذه ـ أيضاً ـ كنتم تعلمون بها، وقيل له: الجهاد ضرري، قال: هذا ـ أيضاً ـ كنتم تعلمون به، وقيل له: القصاص ضرري، قال: هذا أيضاً تعلمون به ... وما الى ذلك، أفلا يكون ذلك قبيحاً ومستهجناً عرفاً؟!

الأمر الثالث: ما يدفع به إشكال انطباق قاعدة (لا ضرر) على مورد حديث سمرة.

وإشكاله: هو ما أشرنا إليه من أنّه إنّما يكون الضرر مسبّباً عن دخول سمرة بلا إذن، فهذا هو الذي يجب أن يمنع عنه، وأمّا قلع عذقه كما في الحديث فغير مربوط بنفي الضرر، فإنّ بقاء عذقه هناك لم يكن هو الموجب للضرر حتّى يُنفى. وقد اُتّخذ تجاه هذا الإشكال مذاهب يهمّنا ذكر اثنين منها:

الأوّل: ما ذكره الشيخ الأعظم(قدس سره)(2): من أنّ الحديث وإن صعب علينا فهم


(1) راجع الرسائل: ص 316 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

(2) راجع قاعدة (لا ضرر) للشيخ الأنصاري، ص111 بحسب ما هو مطبوع ضمن رسائل فقهيّة اُخرى للشيخ في مطبعة باقري بقم من قبل الأمانة العامّة للمؤتمر المئوي للشيخ(رحمه الله).