المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

563

كيفيّة انطباقه على هذا المورد، لكنّ هذا لا يمنع عن التمسّك بأصل الحديث في إثبات القاعدة، فهنا أمران: أحدهما: نكتة انطباق الحديث على المورد. وهذا هو الأمر المجهول عندنا، ونعرف إجمالاً أنّه توجد هناك نكتة لم تتّضح لنا بالمقدار الواصل إلينا في الحديث، وقد طبّقت القاعدة على المورد بتلك النكتة المجهولة عندنا. وثانيهما: أصل قاعدة (لا ضرر)، وهذه تظهر بقوله: (لا ضرر ولا ضرار) بكلّ وضوح، فنأخذ بها، ولايعنينا فهم كيفيّة انطباقها على المورد.

أقول: إنّ التطبيق على المورد لو كان في رواية اُخرى لم يكن يسري الإجمال منه الى الرواية المبيِّنة للكبرى، فكنّا نأخذ بالكبرى، فلو تمّ سند حديث آخر دالٍّ على القاعدة غير حديث قصّة سمرة لأخذنا به، ولا يضرّنا إجمال حديث قصّة سمرة، لكنّ هذا الحديث بالذات ـ الذي هو الحديث الصحيح الوحيد عندنا ـ يصبح لا محالة مجملاً بإجمال كيفيّة تطبيقه على المورد؛ لأنّ التطبيق المجمل متّصل ببيان الكبرى، فلا ندري نكتة ذلك التطبيق، ولا ندري أنّ إبراز تلك النكتة ماذا كان يُحدِث في ظهور الكلام المبيّن للكبرى من تغيير، وهل كان يُبقيه على حاله من الدلالة على المقصود أو لا؟

الثاني: ما ذكره المحقّق النائيني(قدس سره)(1): من أنّ القاعدة طبّقت بلحاظ الحكم الأوّل، وهو المنع عن الدخول بلا استئذان، لا بلحاظ قلع العذق، وإنّما هذا حكم مستقلّ صدر من النبي(صلى الله عليه وآله) بوصفه رئيس الدولة وقائد الاُمّة تأديباً لسمرة.

ويرد عليه: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) أمر أوّلاً سمرة بالاستئذان فلم يقبل، ثمّ أراد أن يشتري منه العذق فلم يقبل، ثمّ قال للأنصاري: «اقلعه وارم به وجهه؛ فإنّه لا ضرر ولا ضرار»، وهذا كما ترى صريح في تعليل الحكم بالقلع بهذه القاعدة، وكونه (صلى الله عليه وآله)حين ذكره لهذه القاعدة ناظراً الى الحكم الأوّل غير معلوم، فهو إمّا ناظر الى كليهما، أو ناظر الى خصوص الثاني، فالثاني هو القدر المتيقّن.

والصحيح في الجواب: أنّ هذا الإشكال إنّما يأتي لو كان تطبيق القاعدة على المورد بلحاظ الجملة الاُولى، وهي (لا ضرر) لكنّنا نقول: إنّ تطبيق القاعدة على هذا المورد يكون بلحاظ الجملة الثانية، وهي (لا ضرار)، ويؤيّد ذلك ما في بعض روايات هذه القصّة: من قوله: «ما أراك يا سمرة إلّا مضارّاً» بناءً على أنّ الـ (ضرار) مصدر لضارّ


(1) راجع منية الطالب: ج 2، ص 209.