المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

567

هذا تمام الكلام في دفع إشكالات الحديث بلحاظ التطبيقات الواردة في الروايات.

مشاكل تطبيقيّة اُخرى

بقي الكلام في دفع إشكالاته بلحاظ ما وقع من قبل العلماء الأعلام من تطبيقاته على موارد فقهيّة. وقد ذكر المحقّق العراقي (قدس سره)(1): أنّ هذه القاعدة لا تنطبق على الموارد التي طبّقت عليها فقهيّاً، إذن فهي ليست في نفسها قاعدة يصحّ استنباط الأحكام منها، وإنّما هي إشارة إلى قواعد اُخرى ثابتة في المرتبة السابقة، وأمّا الموارد التي طبّق الأصحاب القاعدة عليها فليس مدركهم بحسب الحقيقة وبالارتكاز إلّا قواعد اُخرى، وأمّا استشهادهم بحديث (لا ضرر) فيها فهو أمر تشريفي، فإنّا نرى أنّ أيّ مورد طبّقت فيه هذه القاعدة كان الحكم فيه إمّا أوسع ممّا يستفاد من القاعدة، أو أضيق منه. وذكر(قدس سره) في مقام شرح ذلك عدّة موارد:

فمن تلك الموارد ما ذكروه من سقوط الوضوء إذا صار ضرريّاً، واستشهدوا له بـ(لا ضرر)، واستشهد(قدس سره) بنكات ثلاث في هذه المسألة على كون المدرك لهم فيها قاعدة اُخرى، وهي قاعدة اجتماع الأمر والنهي وتقديم النهي ـ وهو النهي عن الإضرار بالنفس ـ دون قاعدة (لا ضرر):

النكتة الاُولى: أنّهم قالوا ببطلان الوضوء، ولم يقتصروا على سقوط الوجوب مع أنّ البطلان ليس من آثار (لا ضرر)، وإنّما هو من آثار النهي في العبادة، فإنّ (لا ضرر) إنّما ينفي الوجوب ولا ينفي الملاك، فيبقى الوضوء صحيحاً لأجل الملاك.

ويرد عليه بغضّ النظر عن أنّه لو فرض أنّهم قالوا بالبطلان من باب حرمة الإضرار بالنفس، فهذا لا ينافي كونهم ناظرين الى تطبيق قاعدة (لا ضرر) بلحاظ نفي الوجوب على ما هو ظاهر استشهادهم على نفي الوجوب بـ(لا ضرر)، فليكن


الحديث لم يكن هو منع سمرة عن الدخول على تقدير عدم الاستئذان حتّى نبحث عن أنّ حديث (لا ضرر) كيف جوّز هذا المنع؟ وأنّ حقّ سمرة لو كان فهل يتعلّق بذات الدخول، أو بالمحافظة على العذق، وليس الدخول إلّا مقدّمة لذلك؟ وإنّما كان الحكم الأوّل عبارة عن أمر سمرة بالاستئذان لدى إرادة الدخول، وانطباق (لا ضرر) لتحريم ترك الاستئذان واضح؛ لأنّ ترك الاستئذان ضرريّ.

(1) راجع المقالات: ج 2، ص 116 ـ 123.