المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

569

الوضوء عن الشريعة رأساً، وهذا ما لا يُحتمل، ونسخه في حقّ هذا بالخصوص لا يمكن أن يصل إليه.

النكتة الثالثة: أنّ المكلّف لو كان عالماً بالضرر ولم يكن عالماً بوجوب الوضوء فهنا حكموا ببطلان الوضوء. وهذا إنّما ينسجم مع فرض كون مدركهم حرمة الضرر التي لا يفترق في حسابها كون المكلّف عالماً بالوجوب وعدمه، ولا ينسجم مع فرض كون المدرك قاعدة (لا ضرر)، فإنّ القاعدة لا تجري في صورة عدم تنجّز الحكم، فإنّها إنّما تنفي الحكم عند نشوء الضرر منه، والحكم عند عدم تنجّزه لا ينشأ منه الضرر.

ويرد عليه بغضّ النظر عمّا عرفت: من أنّ ذلك لا ينافي استنادهم في نفي وجوب الوضوء الى (لا ضرر) أيضاً: أنّ ما ذكره مساوق لكون الحكم بنفي الضرر في حقّ هذا الشخص مشروطاً بعدم الوصول والتنجّز، ومثل هذا إمّا غير معقول على ما ذهب إليه بعض كالمحقّق الاصفهاني(رحمه الله)، أو غير عرفي بحيث يرى العرف نفي إطلاق الحكم لصورة تنجّزه دالاً على نفي أصل الحكم.

ومن تلك الموارد خيار الغبن، وخيار تبعّض الصفقة ونحو ذلك. فذكر المحقّق العراقي(قدس سره): أنّ مدرك الأصحاب قدّس سرّهم في هذه الخيارات في الحقيقة شيء آخر غير (لا ضرر) وهو التسالم بين الأصحاب، والاستشهاد بـ(لا ضرر) يكون من قبيل التعليل بعد الوقوع، فإنّ خيار الغبن وإن كان في مورد الضرر المالي على المغبون، لكن في موارد إخوته كخيار تبعّض الصفقة لا يوجد ضرر مالي، وأمّا الضرر الغرضي بمعنى تخلّف الغرض إذ كان غرضه متعلّقاً بمجموع الصفقة، فليس ضرراً موجباً للخيار، وإلّا للزم ثبوت الخيار في كلّ موارد تخلّف الغرض، كما لو اشترى دواءً لغرض مداواة مريضه وحينما وصل الى البيت رأى أنّ المريض قد طاب أو مات مثلاً.

ثمّ في مورد خيار الغبن وإن كان الضرر المالي ثابتاً، ولكنّ قاعدة (لا ضرر) لا تثبت الخيار بالنحو المفتى به عند الأصحاب من كونه حقّاً يقبل الإسقاط والإرث، فإنّ غاية ما يدلّ عليه (لا ضرر) نفي اللزوم الأعمّ من الجواز الحقّي والجواز الحكمي الذي لا يسقط ولا يورث، فكيف أفتوا بصحّة الإسقاط والإرث؟ إذن فليس مدركهم في الخيار هو قاعدة (لا ضرر).

أقول: نذكر هنا بعض ما ينبغي أن يعلّق به على كلامه (قدس سره)، ثمّ نشرع في تفصيل