المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

570

الكلام في أصل إثبات خيار الغبن عن طريق قاعدة (لا ضرر) وتظهر في ضمن ذلك تتمّة الكلام في التعليق على ما أفاده (رحمه الله)فنقول:

أمّا ما ذكره(قدس سره) من عدم وجود ضرر مالي في إخوة خيار الغبن من قبيل خيار تبعّض الصفقة، وعدم الاعتداد بالضرر الغرضي، ففيه: أنّ الضرر غير منحصر في هذين القسمين، بل يوجد هنا ضرر آخر: وهو ما يكون في طول الارتكاز العقلائي الحاكم بثبوت حقّ الخيار في هذه الموارد، فإنّه ـ عندئذ ـ يكون سلب هذا الحقّ ضرراً على ذي الحقّ فيثبت حقّ الخيار بلا ضرر.

وأمّا ما ذكره(قدس سره) من أنّ (لا ضرر) إنّما يثبت الجامع بين الجواز الحقّي والحكمي، فيرد عليه مضافاً الى ما عرفت من إمكان إثبات هذا الحقّ من باب كونه حقّاً عقلائيّاً يعتبر سلبه ضرراً: أنّنا سلّمنا أنّ قاعدة (لا ضرر) ليس جريانها عند الغبن بلحاظ هذا الضرر، أعني: الضرر الحقّي في طول اعتبار العقلاء لهذا الحقّ، وإنّما يكون بلحاظ الضرر المالي، ولكن مع ذلك يمكننا إثبات آثار الحقّ من السقوط والإرث، أمّا السقوط؛ فلأنّ رضا المشتري مثلاً بلزوم المعاملة والتزامه به ليس إلّا كرضاه بالبيع من أوّل الأمر عند فرض علمه بغبنيّة المعاملة، فإنّه في هذه الحالة يكون هو المُقدم على الضرر، والضرر الذي يقدم عليه لا يرتفع بـ(لا ضرر) على ما سوف يأتي إن شاء اللّه.

وأمّا الإرث فالصحيح أنّه لا وجه لثبوت الإرث في الحقوق، إلّا باعتبار أنّ الحقّ يعدّ مالاً حيث يبذل بإزائه المال، وإلّا فلا دليل على أنّه يورّث، فإنّ دليل الإرث إنّما دلّ على أنّ ما تركه الميّت من مال فلورثته، وهذه النكتة موجودة في المقام أيضاً، فإنّه بعد قابليّته للإسقاط يمكن أن يبذل بإزائه المال فيعدّ مالاً فيورث.

وأمّا تفصيل الكلام في أصل إثبات خيار الغبن بقاعدة (لا ضرر) فهو مايلي:

إنّ تطبيق قاعدة (لا ضرر) على خيار الغبن يكون بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: تطبيق القاعدة على خيار الغبن بلحاظ الضرر المالي الموجود في المقام، وقد توجد في هذا التطبيق عدّة إيرادات:

الإيراد الأوّل: ما ذكره المحقّق الإصفهاني(قدس سره) في المقام، وهو أنّه ليس اللزوم فقط ضرريّاً، بل أصل الصحّة ـ أيضاً ـ ضرري، فإنّه ينشأ منها نقص مالي على المغبون، فيجب أن يشمل إطلاق (لا ضرر) الحكم بالصحّة وينفيه، وبذلك يرتفع