المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

571

موضوع تطبيق (لا ضرر) على اللزوم؛ لأنّ اللزوم فرع الصحّة(1).

أقول: إنّ هذا الإشكال تارةً يصاغ بالصياغة التي نقلناها الآن عن المحقّق الإصفهاني، وهي أنّ قاعدة (لا ضرر) تعمّ في بادئ النظر الحكم باللزوم والحكم بالصحّة، وإجراؤها بلحاظ الحكم بالصحّة يكون حاكماً على إجرائها بلحاظ الحكم باللزوم ونافياً لموضوع ذلك، واُخرى يصاغ بصياغة: أنّ قاعدة (لا ضرر) لا تشمل الحكم باللزوم، وإنّما تنظر الى الحكم بالصحّة؛ لأنّه الذي يحدث بحدوثه الضرر دون اللزوم.

ومباني هاتين الصياغتين ما يلي:

أنّنا تارةً نفترض أنّ (لا ضرر) ينفي الضرر الناشئ من الحكم وهو الصحيح، واُخرى نفرض أنّه ينفي الحكم الضرري، وعلى الثاني تارةً نفرض أنّ اللزوم والصحّة حكمان كما هو الصحيح، واُخرى نفرض أنّ اللزوم عبارة اُخرى عن بقاء نفس الحكم بالصحّة واستمراره الى ما بعد الفسخ، وعلى أيّ حال، تارةً نفرض أنّ المنفي في (لا ضرر) بحسب الفهم العرفي هو حدوث الشيء، أي: حدوث الضرر، أو حدوث الحكم الضرري، بحيث لو خرج الحدوث في مورد عن إطلاق (لا ضرر) بدليل ما، لا يمكن التمسّك به في جانب البقاء، واُخرى نفرض أنّ المنفي ذات الشيء، ويشمل إطلاقه وجوده الحدوثي ووجوده البقائي.

فإن فرض أنّ (لا ضرر) ينفي ذات الشيء ويشمل بإطلاقه الوجود الحدوثي والوجود البقائي، اتّجهت الصيغة الاُولى من صيغتي الإشكال من أنّ (لا ضرر) مفاده أوسع من جانب اللزوم ويشمل جانب الصحّة، وبذلك ينفى موضوع شموله لجانب اللزوم.

وإن فرض أنّ (لا ضرر) ينفي الحدوث رأساً، فعندئذ إن فرض أنّ المنفي هو الحكم الضرري، وأنّ اللزوم والصحّة حكمان، اتّجهت ـ أيضاً ـ الصيغة الاُولى للإشكال، وأمّا إن فرض أنّ المنفي هو الضرر الناشئ من الحكم، أو فرض أن اللزوم والصحّة حكم واحد مستمرّ فهنا تتبدّل صيغة الإشكال الى الصيغة الثانية، وهي أنّ (لا ضرر) لا يشمل الحكم باللزوم، وإنّما يشمل الحكم بالصحّة؛ لأنّه الذي يحدث بحدوثه الضرر الناشئ من الحكم أو الحكم الضرري.


(1) راجع تعليق الشيخ الإصفهاني على المكاسب: ج 2، ص 53.