المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

573

نعم لو حكم له بالخيار كان أحسن له من الحكم ببطلان البيع، ولكن ليست امتنانيّة القاعدة بمعنى أن يُختار للشخص أحسن حكم بالنسبة له، وإنّما امتنانيّتها تكون بمعنى أنّه يجب أن يكون الشخص أحسن حالاً بعد جريان القاعدة في حقّه منه قبل جريانها.

إذن فهذا الجواب ـ أيضاً ـ إنّما يكون جواباً للإشكال بصيغته الاُولى.

هذا. وما ذكر في هذا الجواب من لزوم امتنانيّة القاعدة إن اُريد به الامتنان الحيثي، قلنا: إنّ الامتنان ثابت في المقام، فإنّ الحكم بالبطلان امتنانيّ بالنسبة له من حيث رفع الغبن، وبلحاظ ما لو لم تجرِ القاعدة في حقّه رأساً حتّى لنفي اللزوم.

وأمّا إن اُريد بذلك الامتنان الفعلي وهو الصحيح، وذلك بمعنى كون القاعدة امتناناً على الشخص بالفعل، أي: مع النظر الى جميع الجهات الثابتة فعلاً لهذا الشخص، فقد يقال ـ عندئذ ـ: إنّه لا امتنان في نفي الصحّة؛ لما عرفت: من أنّ صحّة البيع غير اللازم أحسن بحال المغبون، لكنّنا نقول: إنّ الامتنان الفعلي في ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والموارد والخصوصيات، وليس له ضابط كليّ، فإنّه قد يتّفق أن يكون تزلزل البيع أحسن بحاله من البطلان؛ ليبقى له مجال التفكير مثلاً، وقد يكون بطلانه أحسن بحاله من التزلزل، كما لو فرض مثلاً: أنّ الفسخ يحتاج الى مؤونة، ويقع المغبون في الخجل من الغابن عند الفسخ مثلاً، ويكون الأحسن بحاله بطلان البيع رأساً حتّى يستريح.

اللّهم إلّا أن يقال: إنّ العبرة بالامتنان الفعلي النوعي، ويقال: إنّ التزلزل أحسن بحسب النوع والغالب في حقّ المغبون من البطلان.

وعلى أيّ حال، فإن تمّ أحد الجوابين فإنّما هو جواب عن الإشكال بصيغته الاُولى المبنيّة على فرض كون المنفي هو الجامع بين الوجود الحدوثي والوجود البقائي، أو كون المنفي هو الحكم الضرري، مع فرض كون اللزوم والصحّة حكمين لا حكماً واحداً مستمرّاً الى ما بعد الفسخ، وأمّا إذا استظهرنا كون المنفي حدوث الشيء، وبنينا على ما هو الحقّ من كون المنفي الضرر الناشئ من الحكم، لا الحكم الضرري، أو على أنّ اللزوم والصحّة حكم واحد، اتّجهت الصيغة الثانية للإشكال، وبعد فرض ضمّها الى دعوى دليل قطعيّ كالإجماع على صحّة البيع يتحوّل الإشكال الى ما نجعله الآن إيراداً ثانياً، ونجيب عنه بجواب يندفع به الإيراد الأوّل أيضاً، فنقول: