المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

577

في البيع، أي: أنّ كلّ واحد منهما في البيع ملّك التزامه للآخر، فيمكن لكلّ واحد منهما إرجاع التزام صاحبه إليه فيفسخ. هذا كلّه شيء من مختاراتنا في فقه المعاملات، ونأخذه هنا مصادرة فنقول: إنّ المغبون ملّك التزامه للغابن جهلاً منه بالغبن، وبما أنّ ذلك ضرريّ عليه لا يمضيه الشارع، ومعنى ذلك بقاء هذا الالتزام في ملك المغبون، وهذا هو الجواز الحقّي. نعم هذا المقدار من البيان لا يثبت صحّة إسقاط هذا الخيار، وإنّما يثبت حقّيّة هذا الخيار، وأمّا ثبوت هذا الأثر له وهو أثر الإسقاط، فإنّما يكون بأحد أمرين: أحدهما: ما ذكرناه من أنّ الضرر الذي يقدم عليه لا يُنفى بالقاعدة، ثانيهما: ما سوف يأتي بعد هذا إن شاء اللّه.

الإيراد الخامس: أنّ الفقهاء حكموا بإرث هذا الخيار. ويقال أيضاً: إنّ ذلك من آثار الجواز الحقّي، و (لا ضرر) لا يثبت ذلك، وإنّما يثبت الجامع بين الجواز الحقّي والجواز الحكمي، وقد ظهر جواب ذلك ممّا تقدّم من الجواب عن الإيراد الرابع فإنّنا نقول:

أوّلاً: إنّ الحقّ إنّما يورث لكونه مالاً عرفاً لمقابلته بالمال، والخيار في المقام ـ أيضاً ـ يقابل بالمال بعد ما أثبتناه من قابليّته للسقوط.

وثانياً: أنّه لو سلّمنا أنّ حكم الإرث ثابت على عنوان الحقّ بما هو حقّ، قلنا: إنّه قد مضى بيان كون الجواز في المقام حقّيّاً لا حكميّاً؛ لكونه جوازاً في مقابل اللزوم الحقّيّ بالبيان الذي عرفت، فيورث.

الإيراد السادس: أنّه لماذا لا نثبت بـ(لا ضرر) الأرش ونثبت به الخيار، فإنّه كما يرتفع الضرر بالخيار كذلك يرتفع بالأرش؟!

والجواب: أنّ الخيار نفي للضرر حدوثاً أو بقاءً، كما عرفت، وأمّا الأرش فهو تدارك له، كما لا يخفى، و (لا ضرر) يدلّ على نفي الضرر دون تداركه.

الإيراد السابع: أنّ حيثيّة ضرر المغبون في المقام تُعارَض بحيثيّة اُخرى وبالتالي لا يمكن نفيه بـ(لا ضرر)، وذلك بأحد تقريبات ثلاثة:

الأوّل: أنّ الخيار وإن كان فيه دفع للضرر عن المغبون، لكنّه على خلاف المنّة على الغابن، وهو حكم امتناني يشترط فيه عدم كونه خلاف المنّة.

وفيه: ما سيأتي ـ إن شاء اللّه ـ من بيان إنكار الكبرى، وأنّ (لا ضرر) لا يشترط فيه عدم المخالفة للمنّة على غير من يجري في حقّه ما لم يصل الى مرتبة الضرر عليه.