المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

579

الوجه الثاني: تطبيق القاعدة على خيار الغبن بلحاظ الضرر الحقّيّ الموجود في المقام، باعتبار أنّ العقلاء يرون للمغبون حقّ الخيار، فسلب هذا الحقّ عنه ضرر عليه، فقاعدة (لا ضرر) تدلّ على إمضاء هذا الحقّ. وهذا الوجه سالم عن أهمّ تلك الإشكالات التي كانت تورد على الوجه الأوّل المشهور، فلو فرضت تماميّتها قلنا: إنّنا في غنىً عن ذلك الوجه ببركة هذا الوجه:

ويمكن تحليل هذا الحقّ العقلائي بوجوه:

1 ـ كون الغبن بما هو منشأ لحقّ الخيار للمغبون في نظر العقلاء.

2 ـ أنّ البيع يشتمل عرفاً على شرط ضمنيّ، وهو شرط انحفاظ مقدار ماليّة المال وعدم الغبن، وأنّ العرف يرى أنّ فوات هذا الشرط يكون موجباً لضمانه، وأنّه يرى أنّ ضمانه يكون بالخيار وحقّ الفسخ0 وقد أشار الى ذلك المحقّق العراقي(قدس سره)(1)، ونحن حذفناه فيما مرّ حينما كنّا ننقل كلامه(قدس سره) في خيار ا لغبن.

3 ـ أنّ البيع يشتمل عرفاً على الشرط الضمني كما قلنا في الوجه الثاني، وأنّ تخلّف الشرط في نفسه يوجب في نظر العقلاء حقّ الخيار دونما حاجة الى توسيط الضمان كما في الوجه الثاني. ومن هنا يكون هذا الوجه أحسن من سابقه؛ إذ قد يقال في مقابل الوجه السابق: إنّه إذا صار البناء على كون الخيار بتوسّط ضمان الشرط الفائت فلا نقبل أنّ العقلاء يرون ضمانه بخصوص حقّ الفسخ دون الأرش.

4 ـ إرجاع خيار الغبن الى خيار تخلّف الشرط كما في الوجه السابق، وإرجاع


(1) كأنّ المقصود بضمان هذا الشرط في نظرالعرف: أنّ مقدار الماليّة المشروط انحفاظه مضمون على الغابن، فإذا فاته لابدّ من تداركه وإرجاعه بالفسخ، فإنّه إذا فسخ ورجع المال الى ملك الغابن فقد حصل على مقدار الماليّة مرّة اُخرى.

ويرد عليه ما سيشير إليه اُستاذنا في ذيل الوجه الثالث من أنّ الأرش ـ أيضاً ـ يفي بهذا الغرض، وبه ينحفظ مقدار الماليّة مرّة اُخرى، فلماذا يعيّن الفسخ؟!

وعلى أيّ حال، فالمفهوم من كلام المحقّق العراقي(رحمه الله) في المقالات: ج 2، ص 118 ليس هو ما نسبه إليه اُستاذنا(قدس سره) من أنّ العرف يرى ضمان هذا الشرط، وأنّ ضمانه بخيار الفسخ، وفي طول ذلك يأتي (لا ضرر) ليثبت هذا الضمان الذي فرضه العرف؛ لأنّ نفيه ضرر، بل المفهوم منه أنّه بعد أن كان تفويت الشرط ضرراً فنفي الضرر يوجب تدارك هذا الضرر بالخيار0 وما نسبه اُستاذنا (رحمه الله)إليه خير ممّا هو المفهوم من عبارته؛ لأنّ ما هو المفهوم من العبارة يتوقّف على تفسير (لا ضرر) بمعنى تدارك الضرر، وهو غير صحيح.