المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

58

النائينيّ(1)(رحمه الله) ـ وإن لم يذكره بهذه الصورة ـ هو أنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة، لأنـّه لا يمكن الترخيص فيها من قبل الشارع، إذ الترخيص فيها يكون ترخيصاً في المعصية، وهو مقتض لوجوب الموافقة القطعيّة، لا علّة تامّة له، لأنـّه يمكن الترخيص في بعض الأطراف من قبل الشارع، إذ ليس الترخيص في بعض الأطراف وحده ترخيصاً في المعصية.

وأنت ترى أنّ الدليل المذكور في ذلك على المدّعى لا يرجع إلى محصّل، وإنـّما هو تكرار للمدّعى بعبارات اُخرى مع شيء من الاختلاف عن مفهوم المدّعى، ولعلّه (قدس سره) لم يكن يقصد الاستدلال على مدّعاه، وإنـّما كان يقصد شرح المدّعى وتنبيه الوجدان تجاهه مثلاً.

وعلى أيّة حال، فلو كان المقصود هو الاستدلال على المدّعى بما عرفت، ورد عليه: أنّ المعصية بالمعنى الذي لا يجوز للمولى الترخيص فيها ـ أيّاً كان معناها اللغويّ ـ عبارة عن مخالفة حقّ المولى وظلمه بترك ما تنجّز علينا من قبله، فلا بدّ أن نرى أوّلاً أنّ تأثير العلم الإجماليّ هل هو تنجيزيّ، وغير معلّق على عدم مجيء الترخيص، أي: أنّ حقّ المولويّة يكون ثابتاً بلا تعليق على ذلك أو أنـّه معلّق عليه؟. فإن قيل بالأوّل، كان الترخيص في المخالفة ترخيصاً في المعصية، فلم يجز مجيء الترخيص من قبل المولى. وإن قيل بالثاني لم يكن الترخيص في المخالفة ترخيصاً في المعصية، فجاز مجيء الترخيص من قبله، فلا معنىً للاستدلال على التنجيزيّة والاقتضاء بعدم جواز الترخيص من قبل المولى؛ لكونه ترخيصاً في المعصية، أو جوازه؛ لعدم كونه ترخيصاً في المعصية، بل لابدّ أن نعرف أوّلاً أنّ تأثير العلم الإجماليّ هل هو بنحو التنجيز أو الاقتضاء، ثمّ نفرّع على ذلك أنّ الترخيص في المخالفة ترخيص في المعصية أو لا، وإذا وصلت النوبة إلى النظر ابتداءً في أنّ تأثير


(1) والذي استخلصه من كلمات المحقّق النائينيّ (رحمه الله) هو أنّ السرّ في عدم علّيّة العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة، مع كونه علّة لحرمة المخالفة القطعيّة، هو أنّ العلم لا يتطلّب أكثر من الامتثال الجامع بين الامتثال الوجدانيّ والتعبديّ، وإذا فرض الترخيص في المخالفة القطعيّة، فقد الامتثال بكلا وجهيه . أمـّا لو رخّص في بعض الأطراف فهذا يعني جعل الطرف الآخر بدلاً عن الواقع، وهذا يعني تماميّة الامتثال التعبّدي. راجع فوائد الاُصـول : ج4، ص 62.