المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

59

العلم الإجماليّ علّيّ أو اقتضائيّ لم يبقَ للمحقّق النائينيّ (رحمه الله) إلاّ أن يقول ـ من دون هذا اللّف والدوران ـ : إنّ الوجدان حاكم بكون تأثيره اقتضائيّاً.

وأمـّا المحقّق العراقيّ (قدس سره) فقد ذكر في المقام(1) : أنـّنا لا نحتاج إلى إقامة برهان على العلّيّة، لأنـّنا متّفقون على أنّ العلم الإجماليّ ينجّز شيئاً، وأنـّه ينجّزه بنحو العلّيّة، وإنـّما الخلاف بيننا في أنـّه هل ينجّز الجامع، أو ينجّز الواقع، وقد أثبتنا أنـّه ينجّز الواقع.

وهذا أيضاً ـ كما ترى ـ لا يرجع إلى محصّل، فإنّ تسليم الخصم للعلّيّة بالنسبة للجامع يكون لأجل أنّ العلم الإجماليّ بلحاظ الجامع علم تفصيليّ، فحاله حال العلم التفصيليّ في العلّيّة. وأمـّا بلحاظ الطرفين فهو علم إجماليّ، فلم يثبت أنـّه على تقدير تأثيره لوجوب الموافقة بلحاظ كلا الطرفين يكون هذا التأثير ـ أيضاً ـ بنحو العلّيّة، فليس له (قدس سره) في المقام عدا أن يقول بأنّ الوجدان حاكم بكون تأثيره علّيّاً.

وإذا آل الأمر في الموقف الحلّيّ من كلا الجانبين إلى دعوى الوجدان، قلنا: إنـّنا قد حلّلنا فيما سبق هذا الوجدان بالبرهان، وأثبتنا أنّ تأثير العلم الإجماليّ ليس بنحو العلّيّة حتى بلحاظ المخالفة القطعيّة، فضلاً عن الموافقة القطعيّة، بل قلنا: إنّ العلم التفصيليّ أيضاً تنجيزه لحرمة المخالفة القطعيّة بحسب الروح يكون تعليقيّاً، غاية الأمر أنّ المعلّق عليه ـ وهو عدم وصول الترخيص ـ يكون ثابتاً دائماً؛ لعدم تعقّل جعل الترخيص الظاهريّ على أساس عدم انحفاظ موضوع الحكم الظاهريّ وهو الشكّ(2).

 


(1) راجع المقالات: ج 2، ص 87، ونهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص307 ـ 308.

(2) وهنا شبهة في عدم إمكان جعل الحكم الظاهريّ في موارد العلم التفصيليّ بالحكم على الإطلاق، لا بأس بالتعرّض لها هنا بالمناسبة وإن كانت ـ في الحقيقة ـ أجنبيّة عن محلّ الكلام، وتلك الشبهة تتوجّه على المسلك المختار في الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ من إعمال قانون التزاحم من قبل المولى على التزاحم في التحريك، لا التزاحم في الامتثال أو الجعل، وتلك الشبهة هي: أنـّه قد يتّفق إمكان جعل الحكم الظاهريّ رغم العلم التفصيليّ بالحكم بنفس الروح التي حقّقنا إمكانيّة الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ في سائر الموارد، مثاله: ما لو علمنا تفصيلاً بوجوب علاج مؤمن من مرض له بتقديم الدواء له، ولكن علم إجمالاً بحرمة