المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

628

التمسّك بقرينة ارتكازيّة الشريعة أو امتنانيّة القاعدة، وهذا عبارة عن التقريب الأوّل والثاني.

هذا تمام الكلام في وجه تقدّم القاعدة على أدلّة الأحكام الأوليّة.

الإضرار بالتصرّف في الملك

الأمر الرابع: في تصرّفات المالك فيما يملك إذا كانت ضرريّة بالنسبة الى شخص آخر، من قبيل أن يحفر بالوعة في داره فيتضرّر بذلك بئر جيرانه أو جداره، فهل تبقى سلطنة المالك على حفر البالوعة ثابتة، أو لا؟

والكلام في ذلك تارة يقع بلحاظ القواعد الأوّليّة، أي: بغضّ النظر عن قاعدة (لا ضرر)، واُخرى بلحاظ قاعدة (لا ضرر).

أمّا الكلام بلحاظ القواعد الأوّليّة: فقد يتصوّر أنّ إطلاق دليل سلطنة الناس على أموالهم يحكم في المقام بأنّ من حقّ المالك حفر البالوعة في بيته وإن أضرّ بالجار، ولكن هذا غير صحيح لما يلي:

أوّلاً: لأنّ قاعدة السلطنة ليس لها دليل لفظي معتبر يتمسّك بإطلاقه، وإنّما هي قاعدة متصيّدة من الموارد المختلفة زائداً على الإجماع والارتكاز والسيرة، فيلتزم بها بمقدار قابليّة هذه المصادر لها لا أوسع من ذلك، ومن المحتمل أن لا تكون السلطنة ثابتة على ماله على الحصة الملازمة للإضرار بشخص آخر، ويكون ذلك خارجاً عن القدر المتيقّن لهذا الدليل اللبّي الناشىء من هذه المصادر، وحديث الناس مسلّطون على أموالهم ليس معتبراً سنداً.

ثانياً: لأنّنا لو سلّمنا هذا الحديث وفرضناه دليلاً لفظيّاً له إطلاق في نفسه لم يصحّ ـ أيضاً ـ التمسّك بإطلاقه في المقام، فإنّنا إمّا أن نفهم من حديث السلطنة أنّها سلطنة في مقابل قانون الحجر المجعول على السفيه ونحوه، فيدلّ على أنّ الأصل الأوّلي في الإنسان هو أن يكون غير محجور عليه، ويكون هو بنفسه الذي يمارس الصلاحيات المشروعة، وكلّ من خرج بدليل خاصّ عن ذلك يكون محجوراً عليه، ويكون وليّه هو الذي يمارس الصلاحيات المشروعة، وعليه فنفس هذه القاعدة لا تشرّع تلك التصرّفات المشروعة ولا تعيّنها، فكلّما شُكّ في جواز تصرّف تكليفاً أو وضعاً لا يمكن إثبات جوازه بالقاعدة.

وإمّا أن نفهم من الحديث أنّه في مقام إعطاء السلطنة على ماله بمعنى تجويز