المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

630

قبيل مثال لوح السفينة الذي هو للغير، أو الأرض المستأجرة للزراعة لو أرادها صاحبها بعد انقضاء مدّة الإجارة، وما لو كان يتضرّر ضرراً غير مندكّ كأن يفرض مثلاً: أنّه لو لم يحفر البالوعة لانهدم بيته، ففي الأوّل لا يجوز للمالك التصرّف المضرّ بالآخر، وفي الثاني له هذا التصرّف، وما دام ضرر المالك لم يصل في الضآلة الى مرتبة القطع بالاندكاك بنحو يخرج التصرّف بحسب الارتكاز عن سلطنة المالك يكون الأصل هو الجواز.

وهذا المطلب مطابق لما هو المعروف في فتاوى الفقهاء، وأظن أنّ الفقهاء (قدس سرهم) تأثّروا بارتكازهم أكثر مما تأثّروا بالصناعات الاستدلاليّة.

وأمّا الكلام بلحاظ قاعدة (لا ضرر): فبعد أن نفرض تماميّة قاعدة السلطنة في نفسها، وأنّه وجد لها إطلاق لفظي، هل يمكن نفي هذه السلطنة باعتبار كونها ضرريّة أو لا؟

اعترض على التمسّك بالقاعدة لنفي السلطنة بوجوه أهمّها وجهان:

1 ـ أنّ القاعدة إرفاقيّة، وجريانها هنا خلاف الإرفاق بالنسبة للمالك.

ويرد عليه: أنّ هذا الكلام مبني على كبرى خاطئة: وهي أنّه اُخذ في القاعدة أنّ لا تكون خلاف الإرفاق على أحد، والصحيح أنّها إنّما تكون ارفاقيّة بالنسبة لمن تجري في حقّه، نعم لو بلغ خلاف الإرفاق بالنسبة لشخص آخر الى حدّ الضرر عليه دخل في باب تعارض الضررين، فلا تشمل القاعدة كلا الطرفين.

2 ـ دعوى المعارضة بين الضررين بافتراض أنّ تحريم الحفر ضرر على المالك، وذلك إمّا بدعوى أنّ نفس حرمانه من التصرّف في ماله ضرر عليه، أو بفرض مؤونة زائدة في المقام، بأن يفرض أنّه لو لم يحفر البالوعة لتجمّع الماء في بيته وتضرّر به بيته.

والكلام تارة يقع في الصغرى أي: أنّه هل يكون المقام من باب تعارض الضررين، أو لا؟ واُخرى في الكبرى أي: أنّه بعد فرض كونه من باب التعارض بين الضررين هل يتساقط الإطلاقان، أو يقدّم أحدهما على الآخر؟

أمّا البحث في الصغرى: فقد قالوا: إنّ تعارض الضررين إنّما يكون عند فرض تلك المؤونة الزائدة بأن يكون عدم حفر البالوعة مستلزماً لضرر في الدار، وأمّا مجرّد حرمانه عن التصرّف فليس ضرراً، وإنّما هو عدم النفع. وهذا الكلام صحيح إلّا أنّ تحقيقه: هو أنّ كون مجرّد الحرمان عن التصرّف ضرراً من دون فرض المؤونة الزائدة