المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

66

وعلى أيّة حال، فهذا النقض عبارة عن أنـّه: لو لم يكن العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، فلماذا لا نثبت التخيير تمسّكاً بإطلاق دليل الأصل في كلّ واحد منهما على تقدير عدم ارتكاب الآخر، بعد فرض سقوط الإطلاقين الأحواليّين الشاملين لحال ارتكاب الآخر بسبب لزوم المخالفة القطعيّة؟

وسنبحث هذا النقض قريباً ـ إن شاء الله ـ في بحثنا الإثباتي في المقام.

 

المحذور الإثباتي

وأمـّا مانعيّة العلم الإجماليّ إثباتاً عن جريان الأصل الترخيصيّ في بعض الأطراف، فبعد فرض عدم إمكان جريان الأصل في تمام الأطراف ـ إمـّا لمانع ثبوتيّ وإمـّا لمانع إثباتي ـ يذكرون في المقام مانعاً إثباتيّاً عن إجراء الأصل في بعض الأطراف، وهو أنّ إجراءه في أحد الطرفين معيّناً تمسّكاً بدليل الأصل ترجيح بلا مرجّح، وإجراءه بنحو التخيير ليس مفاداً للدليل، فإنّ مفاد الدليل هو جريان الأصل في كلّ واحد من الطرفين بعينه لا الترخيص التخييريّ.

أقول: إنّ هذا الوجه لا نحتاج إليه في مثل (رفع ما لا يعلمون) ممّا لا يكون ناظراً إلى القسم الثاني من التزاحم ـ أعني التزاحم الملحوظ فيه غرض إلزاميّ معلوم بالإجمال ـ بمقتضى ما بيّناه من النكتة الاُولى من نكتتي مانعيّة العلم الإجماليّ عن إجراء الاُصول إثباتاً، فإنّ مثل هذا الأصل لا يجري في أطراف العلم الإجماليّ في نفسه، بقطع النظر عن برهان الترجيح بلا مرجّح، لأنّ المفروض عدم ناظريّة دليله إلى فرض وجود المعلوم بالإجمال، فحتّى لو كان الأصل في أحد الطرفين غير مبتل بالمعارض، كما لو جرى في الطرف الآخر أصل مثبت للتكليف، لا يجري هذا الأصل لنفس تلك النكتة، فإنـّما نحتاج إلى هذا الوجه في مثل قوله: (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه) ممّا لا ترد فيه النكتة الاُولى.

وعلى أيّة حال، فيمكن الإيراد على هذا الوجه بإشكالين: