المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

67

الترخيص التعييني

الإشكال الأوّل: أنّ إجراء الاُصول في أحد الطرفين معيّناً لا يوجب دائماً مشكلة الترجيح بلا مرجّح، فقد يتّفق إمكان التمسّك بدليل الأصل في أحدهما بعينه بلا لزوم هذا المحذور، وذلك كما لو فرضنا أنّ التكليف الإلزاميّ في أحد الطرفين مظنون وفي الطرف الآخر موهوم ولم يكن ترجيح محتمليّ أو أيّ مرجّح آخر في جانب الموهوم حتّى يزاحم الترجيح الاحتماليّ في جانب المظنون، وعندئذ فلا نحتمل كون الأصل الترخيصيّ جارياً في جانب المظنون دون الموهوم بناءً على ما هوالصحيح من أنّ الأحكام الظاهريّة تكون للتحفّظ على ملاكات نفس الأحكام الواقعيّة في طول الحافظ الأوّل، ولكن نحتمل العكس، والمفروض عدم جريان كلا الأصلين، فنستنتج من ذلك أنّ المظنون خارج عن إطلاق دليل الأصل قطعاً، والجانب الموهوم يحتمل دخوله فيه، فيتمسّك فيه بإطلاقه.

نعم، هذا البيان لا يأتي على مبنى السيّد الاُستاذ وغيره: من أنّ الأحكام الظاهريّة ناشئة من ملاكات في نفسها، إذ ـ عندئذ ـ كما يحتمل وجود الملاك في خصوص الترخيص في جانب الموهوم كذلك يحتمل وجود الملاك في خصوص الترخيص في جانب المظنون.

وعلى أيّ حال، فهذا البيان كما طبّقناه على فرض الترجيح الاحتماليّ كذلك يمكن تطبيقه على فرض الترجيح المحتمليّ، بأن يقال: إذا علمنا بأنّ المعلوم بالإجمال على تقدير ثبوته في أحد الطرفين المعيّن أهمّ منه على تقدير ثبوته في الطرف الآخر، فهنا أيضاً نقطع ـ على مبنانا من كون الأحكام الظاهريّة لأجل الحفاظ على ملاكات الواقع ـ بعدم جريان الأصل في الطرف الأهمّ، ويتمسّك ـ عندئذ ـ بإطلاق دليل الأصل في طرف المهمّ.

وهذا الإشكال سيأتي ـ إن شاء الله ـ في أواخر بحث الإشكال الثاني تعميقه، ببيان شمول العامّ بإطلاقه لعنوان (الفرد الثاني)، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ هناك حلّه بما ورد من دليل خاصّ على الاحتياط في الشبهات المحصورة.

نعم، هذا الوجه وجه سيّال يأتي في غير هذا الباب أيضاً، فيمكن الأخذ به في باب آخر لم يرد فيه دليل خاصّ على خلاف المقصود، فمثلاً لو كان دليل حجّيّة خبر الثقة دالاًّ بإطلاقه على حجّيّة كلّ واحد من الخبرين المتعارضين وكان أحد المخبرين أرجح في ملاك الحجّيّة، وهو الوثاقة ـ لا في صفة اُخرى كالجود والكرم مثلاً ـ أمكن