المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

69

كلّ واحد منهما على تقدير عدم إكرام الآخر، وينتج من ذلك التخيير.

هذا ما أفاده المحقّق العراقيّ (رحمه الله) في المقام.

وهذا التقريب أحسن ممّا كان يقال قبل صاحب الكفاية من أنّ دليل البراءة وإن لم يجرِ في هذا المعيّن وفي ذاك المعيّن، لكنّه يجري في أحدهما التخييريّ.

وأجاب عنه الشيخ الأعظم(1) (قدس سره): بأنّ أحدهما التخييري ليس شيئاً وراء هذا المعيّن وذاك المعيّن، وإن اُريد الفرد المردّد ورد عليه إشكال الفرد المردّد.

فشبهة التخيير بالشكل الذي طرحه المحقّق العراقيّ أمتن من التقريب الذي أجاب عنه الشيخ الأعظم بذاك الجواب.

وقد يجاب عنها بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: ما نقله السيّد الاُستاذ(2) عن المحقّق النائينيّ (رحمه الله)من أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، فإذا امتنع أحدهما امتنع الآخر، وفي ما نحن فيه الإطلاق ممتنع؛ لمنافاته لحرمة المخالفة القطعيّة، فيمتنع التقييد أيضاً، بأن تكون البراءة في كلّ واحد من الطرفين مقيّدة بعدم ارتكاب الآخر، فتسقط البراءتان رأساً.

وأورد السيّد الاُستاذ عليه(3) بمنع كون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، حيث إنّ التقابل بينهما في رأي السيّد الاُستاذ تقابل التضادّ.

وقد مرّ منّا أنّ التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب.

وعلى أيّ حال، فبقطع النظر عن المبنى لا يتمّ هذا الوجه في المقام، ولا حاجة إلى الدخول في المناقشة في المبنى فإنـّه يرد عليه:

أوّلاً: أنّ كلّ واحد من الإطلاقين ليس في نفسه ممتنعاً، وإنـّما الممتنع اجتماعهما، والقابليّة التي تؤخذ في تقابل العدم والملكة إنـّما هي القابليّة في مصبّ التقابل، ومصبّ التقابل في ما نحن فيه ـ وهو كلّ واحد من الإطلاقين في نفسه ـ غير


(1) طريقة البحث في رسائل الشيخ الأعظم تختلف عن هذه الطريقة، راجع الرسائل: ص 245 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

(2) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 244 ـ 245، ومصباح الاُصول: ج 2، ص354، والدراسات: ج 3، ص 227.

(3) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 354، والدراسات: ج 3، ص 228.