المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

71

بعد تقييد الإطلاق الأحواليّ لا يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، ولكن ذكر السيّد الاُستاذ هنا: أنـّه لاينحصر المحذور في ذلك، بل مجرّد الترخيص القطعيّ في الحرام قبيح ولو لم يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، ففي المقام وإن لم يلزم الترخيص فيها، إذ في ظرف المخالفة القطعيّة لا ترخيص في المقام، لكنّه يلزم الترخيص القطعيّ في المخالفة، لأنـّنا نقطع عند اشتباه الخمر بالماء مثلاً في مورد العلم الإجماليّ بأنّ الشارع رخّصنا في أن نشرب الخمر بشرط أن نترك شرب الماء، وهذا ترخيص قطعيّ في المخالفة.

ولم يذكر السيّد الاُستاذ وجهاً لما فعله من التصرّف في المحذور المدّعى، من كون الترخيص القطعيّ في المخالفة قبيحاً وإن لم يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، عدا النقض(1) على القول بجواز إجراء الأصلين لو لم يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، بأنـّه لو جاز هذا للزم أن يجوز إجراء الأصلين من دون تقييد للإطلاق فيما إذا لم يمكن تكويناً الجمع بين الطرفين، كما لو علمنا إجمالاً بأنـّه يحرم في هذا الآن مثلاً الكون في أحد المكانين، ولايمكن الكون في كليهما في آن واحد، فإنـّه ـ عندئذ ـ لا يلزم من إجراء الأصلين الترخيص في المخالفة القطعيّة؛ لعدم إمكانها، لكنّه يلزم الترخيص القطعيّ في المخالفة(2).

ولنا مع السيّد الاُستاذ كلام في مقامين:

المقام الأوّل: في أنـّه لو سلّم ما ذكره من كون الترخيص القطعيّ في المخالفة


(1) جاء ذكر ذلك في الدراسات، ولم يذكر في المصباح.

(2) وبالإمكان الجواب على هذا النقض: بأنـّه لو فرض أنّ استحالة الجمع لا تبقي مجالاً لإطلاق الترخيص في كلّ من الطرفين لحالة ارتكاب الآخر، فقد رجعنا مرّةً اُخرى إلى تقييد كلّ من الإطلاقين بفرض عدم ارتكاب الآخر، فهذا عين ما نتكلّم عنه، وليس نقضاً عليه، والمحقّق العراقيّ ملتزم بصحته بناءً على نفي العلّيّة، ولو فرض أنّ هذه الاستحالة لا تنافي الإطلاق، فإطلاق الترخيص في كلٍّ من الطرفين لحالة ارتكاب الآخر باق على حاله، رغم استحالة فعله على تقدير ارتكاب الطرف الآخر ولو بمعنى أنـّه لو أمكنك الإتيان بهذا رغم الإتيان بضده فلا بأس بذلك، إذن هذا يعني الترخيص في المخالفة القطعيّة ولو بمعنى أنـّه لو أمكنك محالاً الإتيان بهما فلا بأس بذلك، والترخيص في القبيح قبيح، حتى لدى استحالته على تقدير تصوير الترخيص فيه لدى الاستحالة، فأيضاً لا يصلح هذا نقضاً على ما نحن فيه.