المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

78

والثالث: أحاديث الحلّ.

أمـّا القسم الأوّل ـ فقد عرفت أنـّه لا يثبت في نفسه الترخيص في مقابل الغرض الإلزاميّ المعلوم بالإجمال، فلايجري حتى مع عدم الإبتلاء بالمعارض، كما لو اختصّ الأصل بأحد الطرفين لمانع من إجراءه في الطرف الآخر.

وأمـّا القسم الثاني ـ وهو الاستصحاب، فهو قد جعل بلسان فرض الكاشفيّة واعتبارها، حيث يقول: لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً، والتبعيض في الكاشفيّة بأن يقال: إنّ الكاشف عن طهارة هذا الإناء موجود إن تركت شرب ذاك الإناء خلاف المتفاهم العرفي، حيث إنّ هذا القيد غير مربوط بباب الكشف، وليس هذا من قبيل تقييد الاستصحاب بفرض عدم وجود أمارة على الخلاف.

نعم، لو ورد دليل بالخصوص على جريان الاستصحاب في كلّ واحد من الجانبين على تقدير ترك الآخر، فنحن نقبله؛ إذ ليس من اللازم أن يتبع الشارع دائماً في قوانينه الأذواق العرفيّة، لكن حيثما لم يرد هذا بالخصوص، وإنـّما قصد استفادته من الإطلاق، فعدم تعقّل العرف للتبعيض في الكاشفيّة يوجب عدم انعقاد ظهور للكلام في الإطلاق.

وأمـّا القسم الثالث ـ وهو أخبار الحلّ، فهو وإن كان ناظراً إلى الترخيص حتى بلحاظ الغرض الإلزاميّ المعلوم بالإجمال، وذلك بقرينة كلمة (بعينه) ـ وإنـّما لا يجري في موارد الشبهة المحصورة المجتمع فيها بعض الشروط؛ لنكتة اُخرى وهي مصادمته عرفاً للحكم الواقعيّ أو لما يقولونه من حكم العقل تنجيزيّاً بحرمة المخالفة القطعيّة ـ لكن أحاديث الحلّ ـ كما مضى ـ كلّ واحد منها إمـّا مبتل بضعف السند، أو بضعف الدلالة، أو بكلا الداءين، عدا رواية واحدة، وهي رواية عبد الله بن سنان: (كلّ شيء فيه حلال وحرام، فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه)، وهذا الحديث لا تتمّ فيه ما مضت من شبهة التخيير؛ لأنّ قوله: (كلّ شيء فيه حلال وحرام) يستفاد منه اشتمال الشيء الذي حكم عليه بالحلّيّة الظاهريّة على الحلال والحرام، وهذا الاشتمال إمـّا من قبيل اشتمال الكلّ على أجزائه، أو من قبيل اشتمال الكلّيّ على أفراده.

فإن فرض أنـّه من قبيل اشتمال الكلّ على أجزائه، بأن حلّل مثلاً مجموع الجبن الموجود في السوق المشتمل على الحلال والحرام، فمن المعلوم أنـّه لا يمكن تقييد الحلّيّة في بعض أجزائه بقيد أحواليّ، بأن يستفاد من ضمّ إطلاق هذا