المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

79

الحديث إلى دليل عدم حلّيّة بعض أجزائه في بعض الأحوال حلّيّته في خصوص غير تلك الحال.

نعم، لو ورد تقييد على أصل حكم الكلّ، بأن دلّ على عدم حلّيّة هذا الكلّ في بعض الأحوال، فلا بأس بأن يستفاد من ضمّ ذلك إلى دليل الحلّيّة حلّيّة الكلّ في غير تلك الحال؛ لأنّ هذه الاستفادة لا تتوقف على مؤنة أزيد من مؤنة التقييد الثابت بالدليل، ولو صرفت الحلّيّة عن حال اُخرى ـ أيضاً ـ غير الحالة المستثناة في الدليل المقيِّد، لكان هذا ارتكاب لمؤنة اُخرى، فدفعاً للمؤنة الزائدة بقدر الإمكان يفهم ثبوت الحلّيّة في تمام الأحوال غير تلك الحالة المستثناة.

لكن لو ورد دليل على عدم حلّيّة جزء من هذا الكلّ في حالة من الحالات، كما فرض في ما نحن فيه، حيث إنّ المفروض أنـّه لا يحلّ هذا الجبن على تقدير أكل ذاك الجبن، وبالعكس، حتى لا يلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، فلا يمكن أن تثبت بذلك حلّيّة هذا الجزء في غير تلك الحالة، دفعاً للمؤنة الزائدة، بل هذا في نفسه إيجاد لمؤنة زائدة، إذ معنى ذلك كون المولى ناظراً في قوله: (كلّ شيء فيه حلال وحرام) إلى كلّ جزء جزء مستقلا ًّ، حتى يطرأ التقييد على الجزء ابتداءً، وتثبت حلّيّة هذا الجزء في غير الحالة المستثناة، وهذا خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر ذلك الكلام هو ملاحظة شيء يشتمل على الحلال والحرام وهو الكلّ.

وإن فرض أنـّه من قبيل اشتمال الكلّيّ على أفراده، بأن حلّل مثلاً طبيعة الجبن المشتملة على الحلال والحرام، فأيضاً يأتي مثل هذا البيان، ونقول: إنـّه لو ورد تقييد على الكلّيّ ابتداءً، فهذا لا بأس به، فإنّ استفادة حكم مقيّد لا تتوقّف على مؤنة زائدة، أزيد من مؤنة التقييد الثابت بالدليل، ورفضاً لمؤنة زائدة نلتزم بثبوت الحكم في جميع الحالات غير الحالة المستثناة، لكن لو ثبت في خصوص فرد من أفراد ذلك الكلّيّ انتفاء ذلك الحكم في حالة مخصوصة، لم يمكن أن تثبت بهذا الدليل حلّيّة هذا الفرد من الجبن في غير تلك الحالة، فإنّ هذا ليس رفضاً لمؤنة زائدة، بل إيجاد لمؤنة زائدة، إذ مقتضاه أن يكون المولى في المرتبة السابقة على التقييد ناظراً إلى الأفراد ابتداءً، وهو خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر من الحديث اشتمال الشيء على الحلال والحرام، وهو الكلّي.

وهذا البيان يأتي ـ أيضاً ـ في مثل قوله: (رفع ما لا يعلمون) لو سلّمنا شموله لفرض العلم الإجماليّ، وغضضنا النظر عمّا مضى، فإنّ الرفع نسب أوّلاً وبالذات إلى