المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

81

في لزوم الاجتناب عن الأغنام التي نعلم بكون بعضها موطوءاً، وكما ورد في ماءين علم بنجاسة أحدهما من قوله: (أهرقهما وتيمّم)، فالإراقة كناية عن عدم الانتفاع بهذا الماء حتى بالشرب، فما صحّ سنداً من هذه الأخبار (1) يبطل الفتوى بالتخيير في المقام.

 

وجه التحقيق في المسألة

إلاّ أنّ الصحيح عدم تماميّة شبهة التخيير في نفسها، بلا حاجة إلى التمسّك بروايات خاصّة في المقام، وذلك حتى في مثل حديث الحلّ الذي لم يتمّ بشأنه الوجه السابق، لوجود كلمة (بعينه) وذلك لما نوضّحه بذكر اُمور:

الأمر الأوّل: أنّ الحكم الإلزاميّ أو الترخيصيّ ـ سواء كان واقعيّاً أو ظاهريّاً ـ يكون له عادةً مدلولان تصديقيّان: أحدهما: المدلول الإنشائيّ، وهو الإيجاب الإنشائيّ أو التحريم أو الترخيص، وثانيهما: المدلول التصديقيّ الحكائيّ، وهو ثبوت مبادىء الحكم من المصلحة والحبّ، أو المفسدة والبغض، أو مصلحة في التسهيل، أو عدم ملاك للإلزام، أو ترجيح أحد الملاكين على الآخر في عالم المحرّكيّة.

الأمر الثاني: أنّ الإلزام التخييريّ تارةً يكون مدلوله الإنشائيّ إلزاماً بالجامع، واُخرى يكون إلزاماً بكلّ واحد من الطرفين مشروطاً بترك الآخر، كما أنّ مدلوله التصديقيّ الحكائيّ تارةً يكون عبارةً عن وجود المبدأ في الجامع، واُخرى عبارة عن وجوده في كلّ من الطرفين مشروطاً بترك الآخر، ففي الحقيقة يكون هنا حكمان مشروطان، بحيث لو ترك كليهما عوقب بعقابين، بخلاف ما لو كان الواجب هو الجامع مخيّراً.

فإن كان المدلول الإنشائيّ إلزاماً بالجامع، فالظاهر منه أنّ المدلول التصديقيّ الحكائيّ ـ أيضاً ـ كذلك، وإن كان المدلول الإنشائيّ إلزاماً بكلّ واحد من الفردين مشروطاً بترك الآخر، فلعلّ الأنسب له كون المدلول التصديقيّ الحكائيّ أيضاً كذلك،


(1) وكلا المضمونين يمتلكان السند التامّ، فالمضمون الأوّل ورد بسند تامّ في الوسائل: ج 16، ب 30 من الأطعمة المحرّمة ح 1، ص 358، والمضمون الثاني ورد بسند تامّ في الوسائل: ح 1، ب 8 من الماء المطلق، ح 2، ص 113 و ح 14، ص 116.