المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

82

وإن كان لعله يناسب أيضاً كون المدلول التصديقيّ الحكائيّ عبارة عن وجود المبدأ في الجامع، بحيث يكون هنا في الحقيقة وجوب واحد تخييريّ، لا وجوبان مشروطان. هذا كلّه في جانب الإلزام التخييريّ.

وكذلك الأمر في جانب الترخيص التخييريّ، فمن الممكن أن يكون الترخيص ـ بحسب الإنشاء ـ ترخيصاً في الجامع، ومن الممكن أن يكون ترخيصاً في كلّ واحد منهما مشروطاً بترك الآخر، كما أنـّه ـ بحسب المدلول التصديقيّ الحكائيّ أيضاً ـ يمكن أن يكون الترخيص في الجامع، بأن يكون ما تعلّق غرضه الإلزاميّ به أحد الفردين مخيّراً، فيرخّص في الفرد الآخر، كما يمكن أن يكون الترخيص في كلّ واحد منهما على تقدير مخالفة الآخر، بأن يكون ما تعلّق به غرضه الإلزاميّ عبارة عن فعل كلّ واحد منهما على تقدير ترك الآخر، لا أحدهما مخيّراً، فيرخّص في ترك كلّ واحد منهما على تقدير فعل الآخر. هذا كلّه في الحكم الواقعيّ.

وأمـّا في الحكم الظاهريّ، فبحسب المدلول الإنشائيّ وإن كان يعقل تارةً التخيير بمعنى تعليق الحكم بالجامع، واُخرى ذكر حكمين مشروطين، لكن بحسب المدلول التصديقيّ الحكائيّ لا يعقل سوى التخيير بمعنى تعليق الحكم بالجامع؛ وذلك لما عرفته ممّا هو الصحيح في حقيقة الحكم الظاهريّ، فإنّ الحكم الظاهريّ ليس ناشئاً من ملاك في نفس الحكم ـ كما يقال ـ حتى يعقل ترخيصان مشروط كلّ منهما بترك الآخر؛ لكون الملاك هكذا، وإنـّما هو ناتج من ترجيح الملاكات الواقعيّة بعضها على بعض، فإن قدّم الملاك الإلزاميّ على الملاك الترخيصيّ حتى في مرتبة الموافقة القطعيّة اُلزم الاحتياط التامّ، وإن قدّم الملاك الترخيصيّ على الملاك الإلزاميّ حتى في مرتبة المخالفة القطعيّة، رخّص حتى في المخالفة القطعيّة، وإن قدّم الملاك الإلزاميّ على الترخيصيّ في مرتبة المخالفة القطعيّة، والترخيصيّ على الإلزاميّ في مرتبة الموافقة القطعيّة، رخّص في أحدهما المخيّر، إن لم يكن في البين مرجّح للترخيص في أحد الجانبين، وإلاّ رخّص في خصوص ذلك الطرف. وأمـّا الترخيص في كلّ واحد منهما بشرط ترك الآخر فغير معقول، فإنّ إتيان العبد بكلا الطرفين، أو تركه لهما، أو لأحدهما ليس له أثر في درجة اهتمام المولى بأغراضه.

الأمر الثالث: أنـّه لو جعل المولى الترخيص الظاهريّ بلسان: رخّصتك في كلّ واحد منهما إن تركت الآخر، فلا بأس بحمل ذلك على ما عرفته من الترخيص في أحدهما تخييراً. وأمـّا إذا جعل الترخيص بلسان كلّ شيء حلال، أو رفع ما لا