المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

85

لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر، فهذه كبرى نستفيدهامن ظاهر دليل الترخيص، ونستفيد صغراها من جريان الأصل المثبت في ذلك الطرف.

وبهذا تنحلّ شبهة القول بأنّ ظهور دليل الترخيص في شمول كلّ طرف معارض بظهوره في شمول الطرف الآخر، فيحصل الإجمال، وجريان أصل مثبت للتكليف من الخارج في أحد الطرفين لا يرفع الإجمال.

ومن هنا يظهر ـ أيضاً ـ أنـّه لو علم إجمالاً بأحد تكليفين، وأحدهما أهمّ من الآخر، فمقتضى القاعدة جريان الأصل في الطرف غير الأهمّ؛ وذلك لما عرفت من ظهور دليل الترخيص في تلك الكبرى، وهي الترخيص في كلّ ما لم تعلم تفصيلاً حرمته، ولم يكن طرفاً لعلم إجماليّ لا يوجد منشأ ـ يفهمه العرف ـ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر، ونستفيد الصغرى من أهمّيّة التكليف في ذلك الطرف.

ولولا هذه النكتة، أي: شمول العام بإطلاقه لعنوان (الفرد الثاني)، وكنّا نحن ودلالة الدليل على الترخيص في هذا بالخصوص، وفي ذاك بالخصوص، لأمكنت المناقشة في إجراء الأصل في الطرف غير ألاهمّ، بأنّ العرف في مقام استظهار المعنى لا يلتفت إلى هذه الأهمّيّة، ويرى الدلالتين متعارضتين متساقطتين، فينتفي الظهور رأساً(1).

 


(1) توضيح المقصود: أنّ نكتة دخل الأهمّيّة في تيقّن سقوط الأصل في طرف الأهمّ مغفول عنها عرفاً، وهذا يجعل تعيّن خروج هذا الفرد غير ثابت بقرينة كالمتّصل، في حين أنّ أصل خروج أحدهما على الإجمال ثابت بقرينة كالمتّصل، وهو عدم إمكان الترخيص في المخالفة القطعيّة عرفاً، وهذا يؤدّي إلى عدم إمكان انحفاظ ظهور الدليل في الترخيص في خصوص الفرد الآخر، وهو غير الأهمّ، ولكن يبقى ظهوره في الترخيص في (الفرد الثاني) على الإجمال ـ وهوما عدا ما خرج على الإجمال بالقرينة التي هي كالمتّصل ـ محفوظاً، فإذا عيّنّا بقرينة منفصلة ذاك الفرد الخارج، وتلك القرينة هي الأهمّيّة، لحكم العقل بعدم إمكان سقوط الأصل في المهمّ وحده، دون الأهمّ، ضممنا ذلك إلى ظهور دليل الأصل في الترخيص في (الفرد الثاني)، وثبت بذلك الترخيص في طرف المهمّ، أو قل: ثبتت حجّيّتان مشروطتان: حجّيّة الأصل في الأهمّ على تقدير سقوطه في المهمّ وبالعكس، وتكون الحجّيّتان لغواً لو لم يحرز من الخارج