المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

87

والذي يريحنا عن هذه الجهة إنـّما هو الأخبار العلاجيّة(1) . والأخبار العلاجيّة غير واردة في باب التقليد، فيبقى الإشكال في باب التقليد مركّزاً.

نعم إذا كانت الأوثقيّة أو الأعلميّة، بنحو بقي لخبره أو لفتواه ـ بعد المعارضة بخبر الثقة أو فتواه ـ الكشف بمقدار خبر أدنى درجات الثقة(2)، أو فتواه غير المبتلى بالمعارض، فلا بأس بالقول بحجّيّته(3).

 


وهذا المطلب محذوف في كتابه (رضوان الله عليه) المطبوع باسم (بحوث في شرح العروة الوثقى)، وهو مثبّت في تقريرنا الخطّي لبحثه الشريف.

وعلى أيّة حال، فالمختار لنا في بحث حجّيّة خبر الواحد، هو عدم سقوط خبر الثقة عن الحجّيّة بمعارضته لأمارة ظنّيّة غير حجّة، لأنّ المقياس هو الكاشفيّة النوعيّة، بمعنى غلبة الصدق في خبر الثقة، أو قل: كونه في حدّ ذاته مورثاً للظنّ، لا بمعنى كونه بالفعل مورثاً للظنّ لغالب الناس، وهذه الكاشفيّة النوعيّة لا تبطل بمعارضته لأمارة ظنّيّة. نعم، مجموع هذا الخبر مع الأمارة المعارضة غير الحجّة ليست له كاشفيّة نوعيّة عن المقصود. أمـّا ذات هذا الخبر فلا زالت كاشفيّته النوعيّة محفوظة، فيكون حجّة.

ولكن هذا الكلام لا يأتي في ما إذا كانت الأمارة المعارضة له عبارة عن خبر ثقة مثله، لأنّ نكتة الحجّيّة ـ عندئذ ـ ثابتة لكلا المتعارضين، فيرى الفهم العرفي أنـّهما تتزاحمان في التأثير، ومجرّد أوثقيّة أحد المخبرين لا يحلّ الإشكال ما لم تكن الزيادة في الوثاقة بقدر وثاقة كاملة؛ لأنّ الزيادة التي تكون أقلّ من الوثاقة ليست مصداقاً لنكتة الحجّيّة المصرّح بها في الدليل، فيلغيها العرف في مقام الاستظهار، ويتمّ تعارض الإطلاقين والإجمال، بل ولا يتمّ إطلاق العامّ حتى لعنوان (الفرد الثاني)؛ لأنّ ملاك الحجّيّة المفهوم عرفاً غير ثابت في الفرد الثاني، لأنّ أصل الوثاقة مزاحم بمثله، والزيادة ليست بالغة إلى مستوى ملاك الحجّيّة، إذن فالأوثقيّة إنـّما توجب الحجّيّة رغم المعارض إذا كانت الزيادة في الوثاقة تساوي ـ على الأقلّ ـ أدنى درجات الوثاقة.

(1) ولعلّ المقصود بذلك: أنّ الأخبار العلاجيّة حصرت المرجّح في موافقة الكتاب ومخالفة العامّة، فالأوثقيّة ليست مرجّحة.

(2) ولعلّ الأخبار العلاجيّة منصرفة عن مثل هذا الفرض بمناسبة الحكم والموضوع.

(3) لنا بحث حول معارضة فتوى الأعلم بفتوى غيرالأعلم، خاصّة إذا فرض أنّ غير الأعلم كان كفوءاً لقيادة المجتمع، والأعلم لم يكن كفوءاً لها، لا بأس بالتعرّض لهذا البحث هنا