المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

90


يرجعوا فيه بالخصوص إليه، وهذا يناسب منصب الفتوى لا الولاية، والإرجاع إلى الحرث في الفتوى إنـّما هو ـ حسب المرتكز العقلائي ـ إرجاع إليه بما هو فقيه ثقة، لا بما هو شخص معيّن، فيستفاد منه جواز تقليد الفقيه الثقة على الإطلاق.

ورواية عليّ بن المسيّب قال: قلت للرضا (عليه السلام): شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال من زكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا(1) . وأخذ معالم الدين يشمل الأخذ بالفتوى، ولا يختصّ بأخذ الرواية.

ورواية عبد العزيز بن المهتديّ، والحسن بن عليّ بن يقطين عن الرضا (عليه السلام)، قلت: لا أكاد أصل اليك أسألك عن كلّ ما احتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم(2).

والروايتان الأخيرتان غير تامّتين سنداً.

القسم الثاني ـ ما دلّ على منصب الولاية كالتوقيع الوارد إلى إسحاق بن يعقوب : .... وأمـّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنـّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله(3).

ولا إشكال في أنّ منصب الولاية مشروط بالكفاءة، والقدرة على إدارة الاُمور، وهذا واضح بحكم العقل والارتكاز العقلائيّ. إذن فإطلاق الرواية مقيّد بقيد ارتكازيّ كالمتّصل، وهو قيد الكفاءة، إلاّ أنّ قيد الكفاءة يمكن أخذه بأحد شكلين:

الأوّل: أن يجعل قيداً للرواة، فكأنـّما قال (عليه السلام): أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا الكفوئين، فإنـّهم حجّتي عليكم.

والثاني: أن يجعل قيداً لما يرجع فيه إلى الرواة، فكأنـّما قال (عليه السلام): أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا إلى الرواة في كلّ ما لهم الكفاءة بالنسبة له، فإنـّهم حجّتي عليكم في تلك الاُمور الداخلة في كفاءتهم. إذن، فمن كان منهم كفوءاً في استنباط الحكم الفقهيّ فحسب دون إدارة اُمور المجتمع يرجع إليه في أخذ الفتوى فحسب، ومن كان كفوءاً في إدارة اُمورالمجتمع يرجع


(1) نفس المصدر ح 27 ص 106.

(2) نفس المصدر ح 33 ص 107.

(3) نفس المصدر ح 9 ص 101.