المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

91


إليه في إدارتها، وتكون له الولاية.

والاحتمال الثاني أوفق بالإطلاق، والاحتمال الأوّل أوفق بارتكازيّة الترابط بين مرافق القيادة وعدم الانحلال والتفكيك فيما بينها بالفصل بين منصب الفتوى ومنصب ملء منطقة الفراغ أو تشخيص الموضوعات. فنتكلّم تارةً بناءً على استظهار الاحتمال الأوّل، واُخرى بناءً على استظهار الاحتمال الثاني.

أمّا على الاحتمال الأوّل: وهو فرض الترابط بين شؤون القيادة، وكون الكفاءة قيداً ارتكازياً راجعاً إلى الرواة ـ فهذه الرواية إنـّما دلّت على ثبوت منصب التقليد ضمن منصب القيادة لمن يكون أهلاً للقيادة متمتّعاً بالكفاءة لها، فإذا وقع التعارض بين فتوى الأعلم غير الكفوء للقيادة وفتوى الكفوء لها غير الأعلم. فنحن نتكلّم عندئذ في ما هو مقتضى الفنّ بناءً على فروض ثلاثة بالنسبة للقسم الأوّل من أدلّة التقليد الذي أثبت منصب التقليد فحسب للفقيه دون منصب القيادة:

الفرض الأوّل: أن ننكر ارتكازيّة تقدّم رأي الأعلم على الإطلاق عقلائيّاً في باب الرجوع إلى أهل الخبرة، ونفترض التعارض الداخليّ بين إطلاقي تلك الأدلّة، لعدم كون الفاصل بين الأعلم وغير الأعلم كبيراً، إذن تلك الأدلّة تبتلي بالإجمال الداخليّ، في حين أنّ القسم الثاني من أدلّة التقليد ـ وهو الذي أثبت التقليد ضمن منصب القيادة لا منفصلاً عنها ـ غير مبتل بالتعارض الداخليّ، لاختصاصه بالكفوء قياديّاً، فنأخذ به، ويكون التقليد لدى تعارض الفتويين للكفوء قياديّاً لا للأعلم غير الكفوء.

الفرض الثاني: أن نؤمن بالارتكاز العقلائيّ الدالّ على تقديم رأي الأعلم على الإطلاق، أي حتى مع كون الفاصل بينهما ضئيلاً، ولكن نبني ـ مع ذلك ـ على التعارض الداخليّ في القسم الأوّل من الأدلّة اللفظيّة للتقليد، لعدم قبول تأثير ذاك الارتكاز على ظهور الألفاظ، ولعدم كون الفاصل بين الأعلم وغير الأعلم كبيراً. وعندئذ فالقسم الأوّل من الدليل اللفظيّ ساقط بالإجمال. أمـّا البناء العقلائيّ على تقليد الأعلم الذي فرضنا الإيمان به، فهو مقيّد بفرض عدم نصب قائد من قبل الشريعة للرجوع إليه في كلّ شيء حتى الفتوى، إذ من الواضح أنـّه مع مفرض نصب قائد من هذا القبيل لا يبني العقلاء في أخذ آراء تلك الشريعة، والعمل بها على الرجوع إلى غير ذاك المنصوب، ولوكان أعلم، والنصب هنا ثابت بحكم القسم الثاني من الأدلّة الخاصّة بمن هو كفوء قياديّاً، فلا يبقى موضوع للرجوع إلى بناء العقلاء.