المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

92


الفرض الثالث: أن لا نفترض التعارض الداخليّ والإجمال في القسم الأوّل من الدليل اللفظيّ للتقليد، بل نؤمن باختصاصه بالأعلم، إمـّا لفرض كون الفاصل بينهما كبيراً، أو لفرض ارتكاز عقلائيّ يدلّ على تقديم رأي الأعلم وإن كان الفاصل بينهما ضئيلاً، مع الإيمان بأنّ هذا الارتكاز يؤثّر على ظهور الألفاظ، ويوجب حمل الأدلّة اللفظيّة على نفس المنهج المرتكز عقلائيّاً. وعندئذ يقع التعارض بين قسمي الدليل اللفظيّ للتقليد؛ لأنّ الأوّل منهما يشير إلى تقليد الأعلم، والثاني منهما يشير إلى تقليد الكفوء المفروض اختلافه عن الأعلم في الفتوى.

فقد يقال: إنـّهما يتساقطان، ونرجع إلى الارتكاز العقلائيّ الدالّ على ترجيح رأي الأعلم.

ولكن قد يقال في قبال ذلك: إنّ العرف يتعامل مع الدليلين اللفظيين في المقام معاملة العموم والخصوص المطلق لا العموم من وجه، فالنسبة بينهما بالدقّة وإن كانت هي العموم من وجه ـ بعد فرض سقوط رأي غير الأعلم بلحاظ القسم الأوّل لدى التعارض لرأي الأعلم، فيبقى رأي الأعلم كمادّة افتراق للقسم الأوّل، كما بقي رأي الكفوء كمادّة افتراق للقسم الثاني ـ ولكن المفهوم عرفاً هو أنّ النسبة بينهما عموم مطلق، لأنّ القسم الأوّل شمل كلّ الفقهاء، والقسم الثاني اختصّ بالفقهاء الكفوئين قياديّاً، فيكون المرجع هو الفقيه الكفوء قياديّاً تقديماً للخاصّ على العامّ؛ لأنّ الإرجاع إلى الفقيه الكفوء يدلّ على عدم جواز الرجوع إلى غير الكفوء حتى فيما لو لم يتعارض الفتويان، فالقسمان من دليلي التقليد متعارضان رغم كونهما مثبتين للعلم بوحدة الحكم، أي: أنـّه لا يوجد لدينا وجوبان للتقليد، وإنـّما لدينا وجوب واحد إمّا مقيّد بكفاءة المقلَّد للقيادة، أو غير مقيّد بها، ووزان الدليلين في المقام وزان ما لو ورد دليلان للتقليد: أحدهما لم يدلّ على اشتراط العدالة في المقلَّد، والثاني دلّ على اشتراط العدالة فيه، فعندئذ لا إشكال في أنّ الثاني يقدّم على الأوّل بالأخصّيّة، رغم أنـّه يمكن أن يقال بالتدقيق: إنّ النسبة بينهما عموم من وجه، لأنـّه لو وقع التعارض بين رأي الأعلم غير العادل، ورأي العادل غير الأعلم، فقد سقط رأي غير الأعلم عن الأماريّة، والحجّيّة بلحاظ الدليل الأوّل، وكان رأي العادل غير الأعلم مادّة للافتراق للدليل الثاني.

وإذا ثبت بهذا البيان نصب الفقيه الكفوء، فلا تصل النوبة إلى الرجوع إلى بناء العقلاء، المرجّح لرأي الأعلم كما مضى.

وأمّاعلى الاحتمال الثاني، وهو فرض الانحلال، وجعل قيد الكفاءة راجعاً إلى الاُمور التي