المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

93


تكون فيها الكفاءة، لا إلى نفس الرواة على الإطلاق، فيصبح حال القسم الثاني من أدلّة التقليد اللفظيّة حال القسم الأوّل، ولا يفتح لناباباً للرجوع من الأعلم إلى الكفوء، فقد يكون المرجع للتقليد هو الأعلم، للفاصل الكبير بينهما في العلم، أو لكون الارتكاز قائماً على ترجيح الأعلم ولو مع الفاصل الصغير، ويكون المرجع للقيادة هو الكفوء.

ولو قلنا بإجمال ا لقسم الثاني بين الاحتمالين، سقط بالإجمال، وكان المرجع هو القسم الأوّل بناءً على تعيينه للأعلم، أو بناء العقلاء بناءً على ثبوته في تعيين الأعلم للتقليد، فيتحقّق التفكيك أيضاً بين التقليد والقيادة.

وينبغي أن نلتفت هنا إلى نكتة، وهي أنـّه متى ما انتهينا إلى التفكيك بين التقليد والقيادة، على أثر الكفاءة وعدم الكفاءة، فإنـّما ننتهي إليه في التقليد عن الفتاوى التي لا تعارض الأحكام القياديّة للقائد، وتوضيح ذلك: أنّ الأحكام القياديّة للقائد لا شكّ أنـّها تتأثّر بالفتاوى، إذ لا بدّ له من ملاحظة حدود الأحكام الأوّليّة الفقهيّة، كي لا تعارض أحكامه القياديّة لتلك الحدود، إلاّ بمقدار ما يقتضيه قانون التزاحم، وبلحاظ تلك الأحكام القياديّة يكون المرجع هو القائد الكفوء لا الفقيه غير الكفوء، رغم أنّ تلك الأحكام القياديّة قد تستبطن فتاوىً معارضة لفتوى الأعلم غير الكفوء؛ وذلك لأنّ نكتة الأخصّيّة ـ التي شرحناها في آخر بحثنا على الاحتمال الأوّل ـ تأتي هنا لا محالة.

بل بالإمكان أن يقال: إنّ القائد الفعليّ الذي يعمل ولايته على المجتمع في سدّ نقائص المجتمع تشمل أحكامه الولائيّة النافذة، حتى على من يعلم بخطأه من باقي الفقهاء، حتى الكفوئين منهم بما هم من أفراد المجتمع المولّى عليه، فهم أيضاً يتّبعون القائد في أحكامه الولائيّة ولو ابتنت على فتاوىً في الأحكام الأوّليّة تعارض فتاواهم.

هذا، ولنا طريق ثان لإثبات كون التقليد للفقيه الكفوء، لا للأعلم غير الكفوء، يمكن الالتجاء إليه حتى بناءً على الاحتمال الثاني الذي أنتج الفصل بين القيادة والتقليد، وهو دعوى وقوع التزاحم بين حكم ظاهريّ وهو وجوب تقليد الأعلم وحكم واقعيّ وهو وجوب تهيئة المناخ لقيادة الكفوء للمجتمع، إذ لو أصبح التقليد لغير الكفوء، عجز الكفوء تكويناً عن القيادة، لأنّ التفكيك بين المقامين بفرض القيادة لمن لا يرون كلامه حجّة في الأحكام الشرعيّة خلاف طبع عامّة الناس، فلو اتّبع الناس الأعلم غير الكفوء في الأحكام والفتاوى دون الفقيه الكفوء، عجز