المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

96


ثمّ إنـّنا لو سلكنا مسلك من يقول بأنّ ولاية الفقيه ليست بنصّ دالّ على نصبه، وإنـّما تكون ولايته بالانتخاب بعد دلالة الأدلّة على أنّ من ينتخب للولاية تشترط فيه الفقاهة، فهنا نفقد الطريق الأوّل، وينحصر الأمر في الطريق الثاني، لأنّ الطريق الأوّل كان مبتنياً على افتراض إطلاق لفظيّ، لا يحمل على الانحلال والتفكيك بين منصب القيادة ومنصب الفتوى. أمـّا إذا فقدنا مثل هذا الإطلاق، فاحتمال التفكيك موجود عقلاً لا محالة، ولا علاج له إلاّ فرض التزاحم.

نعم نحن مصرّون على أنّ التفكيك بين منصب القيادة ومنصب التقليد في الفتاوى التي انبنت عليها الأحكام الولائيّة للقائد لا معنىً له، وأنّ دليل القيادة، أيّ شيء كان، فهو مقدّم في هذا المورد على دليل التقليد، سواء آمنّا بوجود نصّ يدلّ على نصب الفقيه الكفوء وليّاً، أو افترضنا أنّ الدليل إنـّما دلّ على اشتراط الفقاهة والكفاءة في الوليّ، فإنـّه على كلا التقديرين تكون ولايته بلحاظ الفتوى التي انبنت عليها أحكامه الولائيّة منافية لحجّيّة فتاوى غيره المعارضة لتلك الفتاوى، فيقدّم دليل الولاية على دليل التقليد في الفتاوى التي انبنت عليها أحكامه الولائيّة بنكتة الأخصّيّة.

لا يقال: إنّ النسبة هي العموم من وجه؛ إذ لئن كان موضوع دليل الولاية أخصّ ـ لاختصاصه بالكفوء، بخلاف موضوع دليل التقليد؛ لعدم اختصاصه بالكفوء ـ فمحمول دليل التقليد أخصّ؛ لاختصاصه بالفتاوى، بخلاف محمول دليل الولاية، فإنـّه عبارة عن حجّيّة الفتاوى والأحكام.

هذا، ولو أنكرنا دلالة دليل الولاية على الولاية الفعليّة، وقلنا: إنـّه إنـّما دلّ على شرط الفقاهة والكفاءة في من ينتخب وليّاً، قلنا: إنّ دليلاً من هذا القبيل لا يمنع عن افتراض كون المرجع في الفتاوى غير القائد إلاّ في الفتاوى التي انبنت عليها الأحكام الولائيّة، فتكون النسبة بين الدليلين بلحاظ المحمول عموماً من وجه، يجتمعان في الفتاوى التي انبنت عليها الأحكام الولائيّة، ويفترقان في سائر الفتاوى، وفي الأحكام الولائيّة الاُخرى غير المنبنية على فتاوىً مخالفة، وعندئذ لا ينفع كون النسبة بين الدليلين بلحاظ الموضوع عموماً مطلقاً؛ لأنّ النسبة إذا كانت من جهة عموماً مطلقاً، ومن جهة اُخرى عموماً من وجه، فالنسبة بين الدليلين بالتالي هي العموم من وجه، لا العموم المطلق.

فإنـّه يقال: إنـّه متى ما كان الدليلان المتعارضان أحدهما أخصّ من الآخر بلحاظ