المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

97

وعلى أيّة حال، فالترخيص في جانب غير الأهمّ في ما نحن فيه إنـّما يبطله دليل خاصّ وارد في المقام، وهو ما مضت الإشارة إليه من الأخبار المتفرّقة الواردة في موارد مختلفة في الشبهة المحصورة، كما ورد من لزوم الاجتناب من الأغنام التي نعلم بكون بعضها موطوءاً، أو الأمر بإراقة المائين اللذين علمنا بنجاسة أحدهما، فما تمّ سنداً من هذه الأخبار يدلّ على تساقط الأصلين، وعدم جريان الأصل ولو في أحدهما، فهذه الأخبار تشمل فرض أهمّيّة أحد الطرفين، فإنـّه وإن لم تكن في موردها أهمّيّة في أحد الطرفين من حيث المحتمل، لكنّها بإطلاقها تشمل فرض الأهمّيّة من حيث الاحتمال، فيشكل بذلك إجراء الأصل الواحد عند عدم الابتلاء بالمعارض من باب أهمّيّة الجانب الآخر.

 


الموضوع، والثاني أخصّ من الأوّل، أو أعمّ من وجه بلحاظ المحمول، فالجمع العرفيّ يقدّم فيه جانب الموضوع على جانب المحمول على ما ذكر في علم الاُصول.

ولو لم نقبل بهذا الكلام، قلنا: تنقّح أيضاً في علم الاُصول: أنـّه متى ما وقع التعارض بين دليلين بالعموم من وجه، وكان أحدهما آبياً عن التخصيص بالآخر عرفاً، بخلاف العكس، عوملت معهما معاملة العموم المطلق. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ تخصيص دليل التقليد، بإخراج الفتاوى التي انبنت على خلافها الأحكام الولائيّة للوليّ أمر معقول، ولكن تخصيص دليل الولاية بإخراج تلك الأحكام ليس عرفيّاً، فإنـّنا إن قبلنا أنّ التفكيك بين منصب الولاية، ومنصب التقليد في الفتاوى غير المنبنية عليها الأحكام الولائيّة أمر عرفيّ، فمن الواضح جدّاً أنّ التفكيك بين الأحكام الولائيّة بلحاظ معارضة بعضها لفتاوى غيره ليس عرفيّاً، ويعتبر شلاًّ لمنصب الولاية، كما أنـّه ليس من المعقول بقاء تلك الأحكام الولائيّة على حجّيّتها مع بقاء فتاوى غيره المخالفة لما انبنت عليه تلك الأحكام على الحجّيّة أيضاً، فإنـّهما متضادّان ولا يمكن حجّيّتهما معاً.

وبهذا البيان يتّضح: أنـّنا حتى لو قلنا بنصب كلّ الفقهاء الكفوئين وليّاً من قبل الإمام (عليه السلام)، فالذي يمارس الولاية بالفعل هو الذي يتّبع في أحكامه الولائيّة، حتى لو كانت تلك الأحكام على خلاف فتاوى من يقلّده المكلّف من فقيه آخر كفوء.