المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

98

نعم، فرض عدم الابتلاء بالمعارض من باب جريان أصل مثبت للتكليف في أحد الطرفين حاكم على هذا الأصل، أو من باب كونه في نفسه خارجاً عن مورد الأصل غير مشمول لإطلاق هذه الأخبار.

فتحصّل: أنّ اختصاص أحد الطرفين بالأصل؛ لنكتة كون التكليف على تقدير وجوده في الطرف الآخر أهمّ لا يبرّر جريان الأصل في ذاك الطرف غير الأهمّ؛ وذلك للرويات الخاصّة، ولولا الروايات الخاصّة لكان مقتضى القاعدة جريان الأصل في الطرف غير الأهمّ بلحاظ حديث الحلّ(1) .

بقي الكلام في دفع شبهة اُخرى تثبت التخيير في أطراف العلم الإجماليّ، وهي أن يقال: إنـّنا نجري كلا الأصلين في المقام، بلا حاجة إلى تقييد الأصل في كلّ من الجانبين، ولا يلزم من ذلك الترخيص في المخالفة القطعيّة، وذلك ببيان: أنّ الترخيص في هذا الجانب بالخصوص، وفي ذاك الجانب بالخصوص، لا ينافي لزوم الإتيان بالجامع وبأحد الفردين، وذلك نظير التخييرات الواقعيّة، كالتخيير بين خصال الكفارات الثلاث، حيث إنّ الجامع واجب، وبالرغم من ذلك نحن مرخّصون في كلّ طرف من الأطراف في الترك.

والجواب: أنـّنا إمـّا أن نختار في باب الواجب التخييريّ بالإلزام بالجامع أنّ الإلزام يسري من الجامع إلى الأفراد، لكنّه إلزام مشوب بالترخيص في الترك إلى البدل


(1) لا بلحاظ (رفع ما لا يعلمون)، ولا بلحاظ الاستصحاب. أمّا الأوّل؛ فلما عرفت من أنـّه لا ينظر إلى حلّ التزاحم بلحاظ الإلزام المعلوم إجمالاً. وأمّا الثاني فأظنّ أنّ نظر اُستاذنا الشهيد (رحمه الله)في عدم جريانه في المقام إلى أنّ دليل الاستصحاب ورد بلسان الكشف، ومن الواضح عرفاً أن أهمّيّة المحتمل وعدمها ليس لهما دخل في الكشف وعدمه.

أمّا إذا افترضنا أنّ الأهمّيّة لم تكن للمحتمل، بل كانت للاحتمال، أي: أنّ احتمال التكليف في أحد الطرفين كان أقوى، فهنا أيضاً لا يجري حديث الرفع في الطرف الموهوم؛ لما عرفت من عدم علاجه للتزاحم بلحاظ الإلزام المعلوم إجمالاً، ولكن يجري حديث الحلّ والاستصحاب، لولا ما عرفته من الأخبار الخاصّة المانعة بإطلاقها عن ذلك، والفرق بينه وبين فرض أهمّيّة المحتمل ـ حيث قلنا بعدم جريان الاستصحاب في ذاته في مورد أهمّيّة المحتمل، بخلاف فرض أهمّيّة الاحتمال ـ واضح، لأنّ أهمّيّة المحتمل أو عدمها ليس لها دخل في الكشف، لكن أهمّيّة الاحتمال أو عدمها يفهم عرفاً دخلها في الكشف.