المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

103

الحالة الاُولى، وعليه فجريان الاستصحاب في المقام موقوف على إحدى الحالتين: الثالثة أو الاُولى؛ لتوقّفه على تمامية الأركان المتوقّفة على إحداهما. وهذا معناه توقّف جريان الاستصحاب: إمّا على عدم جريانه، أو على مطابقته للواقع، وهو غير معقول.

أمّا الأوّل فواضح؛ إذ لا يعقل توقّف وجود الشيء على عدمه، وترتّبه عليه. وأمّا الثاني فكذلك؛ فإنّ الأصل يوضع ليكون حجّة في فرض الصدق والكذب معاً، ويؤخذ به عند الشكّ، ولا معنى لتخصيص حجّيّة الأصل بفرض صدقه، فلو علمنا بصدقه، أي: علمنا بالواقع، فأيّ حاجة لنا إليه؟!

وقبل أن ندخل في بيان إشكال المحقّق العراقي(رحمه الله) على استصحاب الجامع نناقش كلامه في استصحاب الحصّة، فنقول: كان ينبغي له أن يذكر في الحالة الاُولى ترتّب الأثر على الحصّة الواقعيّة، لا لتقدّمها على الحصّة الاستصحابية؛ بل لكونهما في عرض واحد، فيشتركان في الأثر؛ فإنّ الحصّة الواقعيّة ليست أقدم زماناً من الحصّة الاستصحابية، وإنّما هما في زمان واحد، ولا عبرة بفرض تقدّم رتبيّ؛ فإنّ العبرة في باب ترتّب الأثر على الفرد الأوّل عند كونه أثراً لصرف الوجود إنّما هي بالأوّلية الزمانية لا الرتبية.

وعلى أيّ حال، فما ذكر(رحمه الله) ـ من توقّف الاستصحاب على إحدى الحالتين: الاُولى أو الثالثة، وعدم تماميّة أركانه على الحالة الثانية ـ ممّا لا يتعقّل في المقام؛ فإنّه وإن كان الاستصحاب يتوقّف على كون المستصحب ذا أثر لكن ليس معنى ذلك ترتّب الأثر خارجاً بالفعل على المستصحب، وإلاّ لبطل كلّ استصحاب، فإنّ ترتّب الأثر بالفعل على المستصحب خارجاً فرع وجود المستصحب خارجاً. وهذا معناه توقّف الاستصحاب على صدقه ومطابقته للواقع دائماً، وهو غير معقول، ولم يدّعِ أحد كون الاستصحاب مشروطاً بترتّب الأثر على المستصحب خارجاً بالفعل، ولا هو(قدس سره) يدّعي ذلك؛ ولذا قال بتماميّة أركان الاستصحاب في الحالة الثالثة مع أنّه لم يترتّب الأثر بالفعل خارجاً على الطهارة الواقعيّة، وإنّما يتوقّف الاستصحاب على كون المستصحب ذا أثر بنحو مفاد(كان) الناقصة، أي: اتّصاف المستصحب بالأثر، لا وجود الأثر خارجاً بنحو مفاد(كان) التامّة، أي: أنّه يشترط في الاستصحاب أن يكون المستصحب متّصفاً بمفاد قضيّة شرطيّة، وهي: أنّه لو وجد لترتّب عليه الأثر، وتكفي هذه القضيّة الشرطيّة في جريان الاستصحاب؛ لأنّ الاستصحاب يثبت تعبّداً وجود الشرط بداعي إثبات الجزاء تعبّداً. وترتّب الأثر على المستصحب بهذا المعنى ثابت في المقام، فإنّ القضيّة الشرطيّة صادقة هنا، أي: أنّه لو وجد المستصحب خارجاً