المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

104

لترتّب عليه الأثر، وقد اعترف بذلك هو(قدس سره) حيث ذكر ترتّب الأثر على الطهارة الواقعية في الحالة الاُولى، وهي حالة وجود المستصحب خارجاً. هذا تمام الكلام في استصحاب الحصّة.

وأمّا استصحاب الجامع فللمحقّق العراقي(رحمه الله) عبارتان في مقام التعليق عليه يحتمل أن يكون المقصود بكلّ منهما إشكالاً غير الإشكال(1) المقصود بالآخر، فنحن نأخذ بهذا الاحتمال ونفرض أنّ له(قدس سره) إشكالين على استصحاب الجامع في المقام:

الإشكال الأوّل: ما نذكر فيه احتمالين:

الاحتمال الأوّل: أن يكون مقصوده(قدس سره) من الإشكال في المقام: أنّ الاستصحاب كاشف من الكواشف كالعلم والظنّ والاحتمال، والكاشف يجب تعلّقه بشيء لو كان الكشف مطابقاً للواقع لكان ذلك الشيء موجوداً بوجود مستقلّ عن نفس الكشف، وبغضّ النظر عنه؛ ولذا لا يصحّ أخذ العلم بالحكم أو الظنّ به أو احتماله في موضوع شخص ذلك الحكم، ولا يعقل فرض كون المنكشف قابلاً للانطباق على نفس الكشف، أو على فرد يتولّد بالكشف، فيحتمل وجوده بوجود غير مستقلّ عن نفس الكشف، فلا يمكن أن يفرض وقوف العلم مثلاً على الجامع بينه أو بين ما يتولّد منه وبين شيء آخر بحدّه الجامعي، بل يسري ـ لا محالة ـ إلى حدّ أخصّ منه غير قابل للانطباق على العلم أو ما يتولّد منه. والاستصحاب من هذا القبيل، فهو إنّما يتعلّق بما لا ينطبق على الطهارة الاستصحابية، وهذا معناه تعلّقه بالطهارة الواقعيّة أو بالحصّة الموجودة فيها، لا بالجامع بين الطهارة الواقعية والطهارة الاستصحابية الذي هو المطلوب.

ويرد عليه: أنّه إن اُريد بكون الاستصحاب كاشفاً كون احتمال البقاء كاشفاً، فهذا واضح، لكنّه غير مرتبط بالكلام في المقام؛ فإنّنا نتكلّم في أنّ التعبّد الاستصحابي هل يمكن تعلّقه بالجامع بين الطهارة الواقعية والطهارة التعبدية الاستصحابية أو لا، لا في أنّ احتمال البقاء هل يمكن تعلّقه بالجامع بين ما يتولّد منه وغيره أو لا، وإن اُريد به كون التعبّد


(1) بل عبارته صريحة في فرض إشكالين، حيث عبّر بتعبير(مضافاً)، ونصّ عبارته ما يلي:

«وبما ذكرنا ظهر أنّه لا مجال لتطبيق الاستصحاب على نفس الجامع بينهما ـ أيضاً ـ من جهة استحالة انطباق الجامع المستصحب على ما يترتّب على نفس استصحابه... هذا، مضافاً إلى امتناع كون الشرط في أمثال المقام هو الجامع بين الطهارة الواقعيّة والاستصحابيّة، فإنّه مع تأخّر الاستصحاب عن المستصحب رتبةً يستحيل قابليّة الجامع للانطباق على ما يتحقّق من قبل نفس الاستصحاب المتأخّر عنه رتبةً كما هو ظاهر فتدبّر».

راجع نهاية الأفكار: القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص 51.