المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

105

الاستصحابي كاشفاً فهذا غير صحيح؛ فإنّ التعبّد غير الكشف، والكشف ليس إلاّ أمراً تكوينيّاًنفسيّاً، وهو العلم والظن والاحتمال. وإن قيل: إنّ احتمال البقاء في المقام قد تعلّق بالطهارة الواقعيّة، والتعبّد الاستصحابي يجب أن يتعلّق بنفس ما تعلّق به الاحتمال من دون أن يجزّأ المحتمل ويؤخذ منه الجامع ويفرض توقّف التعبّد الاستصحابي على الجامع، فهذا لا وجه له، وهذا معناه إنكار الاستصحاب رأساً في موارد تعلّق الاحتمال بالفرد، وترتّب الأثر على الجامع.

الاحتمال الثاني: أن يكونه مقصوده(قدس سره) من الإشكال في المقام هو: أنّ الاستصحاب حكم من الأحكام موضوعه هو المستصحب، فيكون المستصحب ـ بحسب عالم التصوّر ـ مقدّماً رتبة على الاستصحاب تقدُّمَ الموضوع على الحكم في عالم التصوّر والجعل، فيستحيل أن يكون المستصحب قابلاً للانطباق على فرد متأخّر رتبة في عالم التصوّر عن الاستصحاب، ويكون في طول ذلك الجعل ومتولداً منه، كالطهارة الاستصحابية التي هي وليدة الجعل الاستصحابي، فإنّ هذا يوجب التهافت في عالم التصوّر، وهذا معناه: أنّ المستصحب هو الطهارة الواقعية مثلاً لا الجامع بينها وبين الطهارة الاستصحابيّة.

وهذا الاحتمال الثاني هو المطابق لذوق المحقّق العراقي(قدس سره) الذي أعمله في جملة من الموارد في اُصوله؛ فإنّه استدلّ بهذا التقريب في عدّة من الاُمور، منها: مسألة عدم إمكان أخذ قصد الأمر والامتثال في متعلّق الأمر.

والفرق بين هذا الاحتمال والاحتمال السابق هو: أنّه في هذا الاحتمال بيّن التهافت بحسب عالم التصوّر، وفي الاحتمال السابق بيّن التهافت بحسب عالم التصديق، حيث يقال هناك: إنّه لا يمكن للشخص أن يكشف ويصدّق بما يحتمل انطباقه على ما يتدخّل فيه هذا الكشف والتصديق.

ويرد على هذا الوجه: أنه إنّما يلزم التهافت في عالم التصوّر لو فرض أنّ المستصحب المتقدّم على الاستصحاب يشتمل على فرد وخصوصيّة متأخّرة عن الاستصحاب، بمعنى كون ذلك الفرد ملحوظاً في الجامع المستصحب، لا بمعنى رفض خصوصيّات الأفراد ولحاظ الجامع بحدّه الجامعي، ومن المعلوم أنّ لحاظ الجامع المحتاج إليه في باب استصحاب الجامع ليس معناه لحاظه مع لحاظ كلّ الخصوصيّات والأفراد حتّى يلزم لحاظ المتأخّر متقدّماً، وإنّما معناه لحاظ الجامع بحدّه الجامعي فقط، بغضّ النظر عن كلّ خصوصيّات الأفراد، وهذا لم يكن متأخّراً عن الاستصحاب، وإنّما المتأخّر عنه هو أحد الفردين.