المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

106

وهذا الإشكال بكلا احتماليه إشكال ينظر إلى دليل الاستصحاب، وقد عرفت جوابه على كلا احتماليه.

الإشكال الثاني: نذكر له ـ أيضاً ـ احتمالين:

الإحتمال الأوّل: أنّ شرطيّة الجامع غير معقولة، فهذا في الحقيقة ليس إشكالاً على خصوص استصحاب الجامع، بل هو ينظر إلى دليل الشرطية لا دليل الاستصحاب، وبذلك يبطل أصل موضوع الاستصحاب بلحاظ أثر الجامع، وهذا الوجه هو أنّ أحد فردي الجامع يكون في طول هذه الشرطيّة، وهو الطهارة الاستصحابية؛ إذ إنّ الاستصحاب إنّما يجري بلحاظ الأثر، والأثر في المقام هو الشرطية (ولنفرض مورداً لا يترتّب أثر آخر على الطهارة) فإذا كان أحد فردي الجامع في طول الشرطيّة فكيف تعقل شرطيّة الجامع؟

وهذا مرجعه: إمّا إلى دعوى التهافت بحسب عالم التصوّر بأن يقال:إنّ متعلّق الشرطيّة ـ وهو الجامع ـ يكون ـ بحسب عالم التصوّر ـ متقدّماً رتبةً على حكمه ـ وهو الشرطية ـ على حدّ تقدّم كلّ موضوع على الحكم الذي يتعلّق به، فلو كان هذا الموضوع مشتملاً على فرد متأخّر رتبة عن هذا الحكم لزم التهافت في عالم التصوّر كما مضى في الاحتمال الثاني للإشكال الأوّل.

وهذا يكفي في جوابه ما عرفته هناك (ولو فرض عدم وجود أجوبة اُخرى لنا)، وهو: أنّ الشرط كان هو الجامع بحدّه الجامعي، وذلك لم تؤخذ فيه الأفراد والخصوصيّات حتّى يقال: إنّ بعض هذه الأفراد والخصوصيّات متأخّر عن الشرطيّة، فيلزم التهافت في عالم التصوّر، وإنّما رُفض فيه لحاظ الأفراد والخصوصيّات، فلا محذور في ذلك بحسب عالم التصوّر.

أو إلى دعوى التهافت بحسب عالم التصديق، بتقريب: أنّ الشرطيّة تتوقّف فعليّتها على وجود موضوعها خارجاً توقُّفَ فعليّة كلّ حكم على وجود موضوعه، فلا يعقل أن يكون أحد أفراد موضوعها متوقّفاً عليها.

وفيه: أنّ الشرطيّة ليست فعليّتها متوقّفة على وجود موضوعها بمعنى متعلّقها، أي: الشرط، فليست مثلاً شرطيّة الوضوء للصلاة متوقّفة على تحقّق الوضوء خارجاً كما هو واضح.

الاحتمال الثاني: دعوى عدم إمكان تصوير الجامع في المقام، وتوضيح ذلك: إنّ في كيفيّة انتزاع الجامع وجوهاً نأخذ منها الوجه الذي يتبنّاه المنطق الأرسطيّ المعروف، وهو أنّ انتزاعه وتصويره يكون عن طريق تقشير الأفراد وإلغاء الخصوصيّات المختصّة بفرد دون