المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

107

فرد، حتّى لا يبقى عدا المقدار المشترك الثابت في كلّ فرد، وعلى هذا نقول: إنّ تصوير الجامع في المقام موقوف على تصوير كلا فرديه، وأحد الفردين هنا هو الطهارة الاستصحابية، والمقصود من الاستصحاب في الطهارة الاستصحابية هو استصحاب الجامع، فتصوير هذا الفرد موقوف على تصوير الجامع، وهذا غير معقول؛ لاستحالة الدور، فتصوير جامع يكون أحد فرديه من هذا القبيل أمر غير معقول.

والجواب: أنّ مجرّد تصوير الجامع غير موقوف على تصوير تمام أفراده، بل يكفي أن يتصوّر فرد واحد من أفراده ويقشّر بحذف خصوصيته الشخصيّة، فيصبح كلّيّاً وجامعاً. نعم، تصوير كون الأمر الفلاني جامعاً بين الأفراد الفلانية موقوف على تصور تلك الأفراد، لكن يكفينا في المقام مجرّد تصوير الجامع لنستصحبه.

بقي شيء: وهو أنّ تصوير وجه ثبوتي ينسجم مع الفتاوى الفقهية في صحّة الصلاة إذا كانت في ثوب نجس من دون علم لا ينحصر فيما مضى من مسألة التوسيع في دائرة الشرطيّة أو التضييق في دائرة المانعيّة، بل يمكن تصوير ذلك حتّى مع فرض كون الشرط هو الطهارة الواقعية أو عدم النجاسة الواقعية من دون توسعة أو تضييق، وذلك بأن يفرض في خصوص المقام إجزاء الأمر الظاهريّ على أساس أنّ ما فعله وفق أمره الظاهريّ أصبح مانعاً عن تحقّق ملاك الأمر الواقعيّ، وتصوير جعل ينسجم مع الإجزاء على هذا الأساس يكون بأن يقال: إنّ الشرط مثلاً هو ثبوت الطهارة في أوّل صلاة يصلّيها، فإذا صلّى مع الطهارة الظاهريّة وانكشف الخلاف لم يكن قادراً على التدارك، لأنّه لو صلّى ثانياً بطهارة واقعيّة لم تكن تلك الطهارة مصداقاً للشرط، ولا ما فعله مصداقاً للواجب؛ لأنّها لم تكن طهارة في أوّل صلاة يصلّيها. نعم، يلزم من ذلك أنّه لو صلّى عامداً في النجس أيضاً لم تكن عليه الإعادة، ولدفع ذلك نضيف قيداً إلى دائرة الصلوات التي يفرض كون الشرط هو الطهارة في أوّلها، وذلك بأن يقال: إنّ الشرط هي الطهارة في أوّل صلاة يصلّيها من الصلوات الواجدة للجامع بين الطهارة الواقعيّة والظاهريّة.

نعم، يبقى أنّ ما ذكرناه خلاف الظاهر بالنسبة لأدلّة الإجزاء وعدم الإعادة، حيث إنّ ظاهر لسانها هو أنّ ما أتى به من العمل كفى، بمعنى: أنّه كان صحيحاً وواجداً للملاك، لا بمعنى: أنّه كان وجوده كالعدم تماماً من حيث الملاك، وأنّه أثّر فقط في جعل هذا الشخص كفاقد الطهورين لا تجب عليه الصلاة، إلاّ أن هذا يرتفع بفرض أنّ هذه الصلاة واجدة لمقدار من الملاك ناقص وصحيحة بهذا النحو من الصحّة، لكنها ليست واجدة لتمام الملاك؛ ولذا جعل