المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

109

لفرض كون عدم انبغاء النقض شيئاً مرتكزاً عند العقلاء ومفروغاً عنه(1).

 

سند الرواية:

بقي الكلام في سند الحديث، وسنده صحيح لولا الإضمار، إلاّ أنّ الشيخ(قدس سره) ذكره في التهذيب والاستبصار مضمراً. والتحقيق: أنّ هذا الإضمار لا يضرّ بالاعتبار؛ وذلك لوجهين:

الأوّل: وجه عامّ لكلّ راو شيعي يعيش في أوساط شيعيّة ويلتفت إلى أنّ المرجع الأصيل هو الإمام(عليه السلام)، وتصدر منه(عليه السلام) الأحكام، وهو أنّ مثل هذا الشخص يكون ظاهر الإضمار في حديث منقول عنه هو إرادة الإمام(عليه السلام)، لا لأنّه عظيم الشأن وجليل القدر، فلا يروي مثلاً إلاّ ممّن هو أعظم منه، أو ممّن يكون كلامه حجّة وهو المعصوم(عليه السلام)، حتّى يختصّ ذلك بأفراد معيّنين، بل لبيان آخر، ونبدأ لتوضيح ذلك بالكلام عن الراوي الأخير وهو الشيخ الطوسي مثلاً، فنقول: إذا روى الشيخ رواية مضمرة فإمّا أنّه قد سمعها من شيخه مسندة إلى غير الإمام فأضمرها لتقطيع أو اختصار أو غير ذلك، أو سمعها منه مسندة إلى الإمام فأضمرها لنفس السبب، أو سمعها منه مضمرة.

أمّا الأوّل فهو خلاف الأمانة المفروضة في الشيخ الطوسي(قدس سره)؛ فإنّ جعله لمثل هذا الحديث مضمراً وذكره في عداد روايات الإمام(عليه السلام) يكون موهماً ـ على أقّل تقدير ـ لكون هذا حديثاً عن الإمام(عليه السلام) لو لم نقل بكونه ظاهراً في ذلك، وهذا إغراء وتدليس، فهذا الاحتمال ساقط في المقام. وأمّا الثاني فهو موافق للمطلوب. وأمّا على الثالث فننقل الكلام إلى شيخه ونعيد نفس التشقيق بلحاظ شيخه، وهكذا إلى أن نصل إلى الراوي المباشر وهو


(1) قلت له(رحمه الله): لو بقيت الفقرة مجملة بين المحتملات الثلاثة تمّت دلالتها على الاستصحاب بغضّ النظر عن الارتكاز ووحدة السياق الصارفين لها إلى الاستصحاب؛ وذلك لنكتة ذكرتموها فيما سبق في بعض الموارد، وذلك بأن نقول: إنّ أركان الاستصحاب مبيَّنة في الحديث لثبوتها على كلّ حال، وأركان قاعدة اليقين غير مبيَّنة فيه لأنّها تثبت على بعض الاحتمالات دون بعض، والمفروض عدم أظهرية الاحتمال الذي تتمّ عليه أركان قاعدة اليقين.

فأجاب(رحمه الله) بأنّ هذا الكلام إنّما نقوله بالنسبة لكلام السائل، فلو كانت في كلامه محتملات تكون أركان الاستصحاب معلومة على كلّ منها، وأركان قاعدة اليقين مبيّنة على بعضها دون بعض، وذكر الإمام(عليه السلام) قاعدة تنطبق على الاستصحاب وعلى قاعدة اليقين حملنا كلام الإمام على الاستصحاب؛ لأنّه لو حمل على قاعدة اليقين قلنا: إنّه لم يكن له(عليه السلام) سبيل إلى معرفة تماميّة أركان قاعدة اليقين في المقام بدون إعمال علم الغيب، ولكن في المقام كانت المحتملات في كلام الإمام(عليه السلام)فنحتمل أنّه قصد المعنى الثالث، فلو كان قصد هذا المعنى فقد بيّن أركان قاعدة اليقين، فلعلّه طبّق قاعدة اليقين في المقام.