المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

114

بالآخر)، وهذا عبارة اُخرى عن عدم إدخال الشكّ في اليقين (ولكن تنقض الشكّ باليقين) أي: أنّ هذا الشخص لا يهمل اليقين بالثلاث لأجل الشكّ. نعم، يمكن أن يهمل الشكّ لأجل اليقين، (ويتمّ على اليقين) أي: يتمسّك بهذا اليقين ويعمل عملاً بنحو يصحّ ما تيقّن به في جميع الحالات، (ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات). أمّا ما هو العمل الذي به يصحّ العمل على كلّ حال؟ فهذا غير مبيّن هنا تفصيلاً، وهو مذكور في روايات اُخرى، وهو البناء على الأكثر، والإتيان بركعة مفصولة، فلا يضرّه ذلك لو كان قد زاد كما هو واضح، كما لا يضرّه لو كان قد نقص، لكن عدم الإضرار على تقدير النقص يكون تعبداً في المقام.

وهذا الاحتمال ـ أيضاً ـ بعيد؛ لأنّ هذا الاحتمال لا يناسب عبارة النقض أيضاً، فإنّ من أبطل صلاته لأجل هذا الشكّ ليس قد نقض يقينه بالثلاث، فإنّ معنى نقض اليقين رفع اليد عمّا يقتضيه اليقين، واليقين بالثلاث يقتضي الفراغ من ناحية هذه الثلاث، فلو بنى على عدم الفراغ من هذه الناحية كان ذلك نقضاً له. وأمّا إذا أبطل صلاته لا لذلك، بل لحصول المشكلة له من ناحية تردّده وتحيّره في الركعة الرابعة، وأنّه هل أتى بها أو لا، لم يكن ذلك نقضاً لليقين إلاّ بالمعنى المسامحي الذي بيّنّاه، وهذا ليس معنىً ظاهراً بالنسبة للنقض.

فهذا الاحتمال ـ أيضاً ـ مرجوح بالنسبة للاحتمال الأوّل وإن كان يقرّبه ما في العبارة من كثرة التكرار وتمطيط الكلام بشكل غير طبيعي. وهذا ما قلنا: إنّه يخلق وسوسة للفقيه في صحّة المعنى الأوّل. وأمّا بناءً على هذا المعنى فنقول: إنّ الإمام(عليه السلام) كان في هذه العبارات المتكررة بصدد الردّ على العامّة، حيث يعملون عملاً لا يحفظ معه اليقين بالثلاث، بأن يصبح ما أتى به يقيناً على كلّ تقدير، فمن هذه الناحية كان الكلام مكتنفاً بظروف خاصّة من هذا القبيل أوجب سوق الكلام بهذا النحو الذي نراه الآن غير طبيعي. ولكن ـ على أيّ حال ـ يكون هذا الاحتمال بعيداً عن ظاهر معنى العبارة بالنسبة للاحتمال الإوّل.

الرابع: نفس الثالث بفرق أن يقصد باليقين المتيقّن، أي: الركعات الثلاث، فلا يرد عليه الإشكال الذي أوردناه على الاحتمال الثالث؛ إذ يصير معناه عند ئذ: لا تنقض ما أتيت بها من الركعات، ولا تبطلها بسبب شكّك في الرابعة. ومن الواضح أنّ نسبة النقض إلى الركعات بمعنى إبطالها ليست معنىً على خلاف ظاهر كلمة النقض، وعند ئذ يمكن أن يقصد بالشكّ ـ أيضاً ـ في قوله: «لا يدخل الشكّ في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر» المشكوك، ويصير معناه: لا يدخل المشكوك وهو فرض الإتيان بالرابعة في المتيقّن وهوالركعات الثلاث، بأن يفرض معها أنّه أتى بالرابعة، فيقتصر على تلك الركعات، فيكون عمله مركّباً من متيقّن