المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

123

ينتج وجوب الركعة المفصولة؛ وذلك لانقلاب الوظيفة بالشكّ، فمن لم يأتِ بالركعة الرابعة وهو شاكّ في ذلك وظيفته هي الإتيان بالركعة المفصولة، والجزء الثاني من الموضوع وهو الشكّ ثابت بالوجدان، والجزء الأوّل منه وهو عدم الاتيان بالركعة الرابعة ثابت بالاستصحاب، وعدم ثبوت هذا الأثر قبل الشكّ لا يضرّ بالاستصحاب، فإنّ اللازم في الاستصحاب هو كون المستصحب ذا أثر حين الاستصحاب ولو فرض قبله بلا أثر، أو ذا أثر آخر يخالف هذا الأثر أو يضادّه.

وهذا البيان يمكن إثارة شبهات حوله:

الاُولى: شبهة مبنيّة على مبنى المحقّق النائيني(رحمه الله): من أنّ الاستصحاب يقوم مقام العلم الموضوعي كما يقوم مقام العلم الطريقي، وهي: أنّ الاستصحاب في المقام وإن كان يثبت أحد جزئي الموضوع، وهو عدم الإتيان بالركعة الرابعة، لكنّه ينفي الجزء الآخر، وهو الشكّ، ويثبت العلم الذي هو بانضمامه إلى عدم الإتيان بالركعة الرابعة موضوع لوجوب الركعة الموصولة، فهو يهدم بمقدار ما يبني، فلا يفيد شيئاً.

وللمحقّق النائيني(رحمه الله) أن يجيب على هذه الشبهة: بأنّنا وإن قلنا بقيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي بحكومته على الأدلّة الواقعية التي أخذ في موضوعها العلم أو الشكّ، لكن في خصوص المقام لا تتم الحكومة؛ إذ لو كان الاستصحاب حاكماً على دليل لزوم الإتيان بالركعة المفصولة عند الشكّ لم يبقَ لذلك الدليل مورد، وكلّما كان المحكوم أخصّ من الحاكم، ويلزم من حكومة الحاكم عليه لغويّته وعدم بقاء مورد له لا تثبت الحكومة، ويخصّص الحاكم بالمحكوم.

الثانية: ما ذكره المحقّق الإصفهاني(رحمه الله)(1): من أنّ جعل الحكم بوجوب الركعة المفصولة على موضوع مركّب من عدم الإتيان بالركعة الرابعة والشكّ غير معقول؛ لأنّ هذا الحكم لا يقبل الوصول؛ لأنّه إن وصل بوصول موضوعه، أي: بالعلم بعدم الإتيان بالركعة الرابعة انتفى الشكّ، وإن لم يعلم بذلك لم يصل الحكم.

وهذا الكلام من المحقّق الاصفهاني(قدس سره) مبنيّ على مبناه في باب الحكم: من أنّه لا يعقل الحكم إلاّ إذا أمكنت محرّكيّته بالوصول الوجداني. وأمّا على ما هو الصحيح: من أنّه إنّما يشترط في الحكم كونه قابلاً للتنجز ولو بغير الوصول الوجداني، فإن لم يكن قابلاً لذلك لم


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 83 بحسب طبعة آل البيت.