المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

128

يكن التعبّد بنبات اللحية فيه رافعاً للشكّ في الحياة.

أقول: يرد على هذا ـ بعد المناقشة في الأصل الموضوعي لما سوف يظهر (إن شاء الله) في بحث الأصل المثبت من أنّ إمكان حجّيّة الأصل المثبت لا تنحصر صورته في ما مضى ـ: أنّه(قدس سره) لم يتحفّظ على الأصل الموضوعي حرفياً عند التطبيق على المقام، فإنّ الأصل الموضوعي ليس هو التعبّد بنبات اللحية مثلاً بالفعل، وإلاّ لم تبقَ حاجة إلى استصحاب الحياة، وإنّما الأصل الموضوعي هو التعبّد بنبات اللحية على تقدير الحياة، فيثبت ذلك باستصحاب الحياة، وتطبيق ذلك على المقام يكون بأن يفرض التعبّد برابعيّة الركعة الجديدة على تقدير عدم الإتيان بها، لا برابعيّتها بالفعل، فلا بدّ من استصحاب عدم الإتيان، وليس مجرّد التعبّد والتنزيل الثاني رافعاً ومبطلاً لموضوع التعبّد والتنزيل الأوّل؛ لأنّه تعبّد تقديري.

المحذور الثالث: ما ذكره المحقّق العراقي(قدس سره) أيضاً: من أنّ الشكّ إنّما تعلّق بعنوان الرابعة لا بذات الرابعة، فإنّ آخر ركعة جاء بها إن كانت هي الرابعة واقعاً، فهو يعلم بواقع الرابعة، وإلاّ فهو يعلم بواقع عدم الإتيان بالرابعة، وإنّما الشكّ تعلّق بعنوان الرابعة، والأثر إنّما هو مترتّب على واقع الركعات لا عناوينها، أي: أنّ الواجب إنّما هو الإتيان بواقع الركعة الرابعة لا تحصيل هذا العنوان(1).

أقول: إن تمّ ما ذكره من كون الحكم هنا للواقع لا للعنوان، كفانا في ردّه أن نستصحب عدم ذات من ذوات الركعات الأربع؛ إذ هو لا يتذكّر أربع ذوات، وإلاّ لما كان يشكّ في العنوان أيضاً، وإنّما يتذكّر ثلاث ذوات، فإحدى الذوات الأربع مشكوكة حتماً، فيستصحب عدم تلك الذات، فيجب عليه أن يعمل عملاً يحرز معه الإتيان بذوات الركعات الأربع، ويكون ذلك بإضافة ركعة اُخرى ولو لم يكن لنا جواب على كلام المحقّق العراقي غير هذا لكفى.

هذا. ويوجد هنا محذور رابع يشبه كلمات المحقّق العراقي(رحمه الله) في كونه في الواقع محذوراً في إجراء الاستصحاب بمقتضى القواعد، ولا يصلح إشكالاً على التطبيق الوارد في الرواية للاستصحاب على المقام؛ لأنّ تطبيق الرواية للاستصحاب على المقام يكون بنفسه دليلاً


(1) وقد شبّه(رحمه الله) ما نحن فيه باستصحاب الفرد المردّد. راجع نهاية الأفكار: القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص 59 ـ 60.