المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

132

جريانه بلحاظ تصحيحه للصلاة؛ لما عرفت في المطلب الأوّل من أنّ هذا الاستصحاب لا يصحّح الصلاة، وإنّما الذي يصحّحها هو استصحاب عدم الزيادة بالبيان الذي مضى، وإنّما نبحث جريانه لتأكيد قاعدة الاشتغال.

والكلام تارةً يقع في إجراء هذا الاستصحاب بداعي التحريك نحو الإتيان بركعة موصولة، واُخرى في إجرائه بداعي التحريك نحو الإتيان بركعة مفصولة.

أمّا إجراء الاستصحاب بداعي التحريك نحو الإتيان بركعة موصولة فنقول: إنّ استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة في المقام هو في الحقيقة مصداق من مصاديق استصحاب عدم الامتثال، وهناك بعض النقاشات في كبرى استصحاب عدم الامتثال لدى الشكّ في الامتثال، من قبيل القول بأنّ ما يراد تحميله ظاهراً على المكلف باستصحاب عدم الامتثال من المحتمل تحقّق امتثاله ولو روحاً، وذلك بامتثال أصل الأمر الواقعي قبل جريان الاستصحاب، إذن فنحن شاكّون في امتثال هذا الاستصحاب، فلو تمسّكنا بأصالة الاشتغال فلنتمسّك بها ابتداءً بلا حاجة إلى توسيط الاستصحاب، وإلاّ فلا فائدة في هذا الاستصحاب.

فإن أنكرنا كبرى استصحاب عدم الامتثال بهذا البيان أو بأيّ بيان آخر، لم يبقَ مورد للبحث عن استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة في المقام. وتحقيق الحال في كبرى استصحاب عدم الامتثال يأتي في محلّه إن شاء الله.

أمّا هنا فنفترض افتراضاً صحّة كبرى استصحاب عدم الامتثال في الجملة، أي في موارد الشكّ في امتثال الأوامر الاستقلاليّة، فيقع الكلام في أنّه هل يجري ـ أيضاً ـ استصحاب عدم الامتثال في باب الأوامر الضمنيّة لكي يجري في المقام استصحاب عدم الاتيان بالركعة الرابعة، أو لا؟

ولننبّه ابتداءً على أنّ كلامنا إنّما هو في إجراء استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة في أثناء الصلاة. أمّا إذا لم يعتنِ باحتمال عدم الإتيان بها، وأتمّ الصلاة بالتشهّد والتسليم، كان بعد ذلك استصحاب عدم الإتيان بها في قوّة استصحاب عدم امتثال الأوامر الاستقلاليّة.

ثم إنّ في كيفيّة إجراء استصحاب عدم الامتثال مسلكين:

المسلك الأوّل: أن يقال بجريان استصحاب عدم الامتثال باعتباره مثبتاً لبقاء الوجوب؛ لأنّ الوجوب مقيّد بقاءً بعدم الامتثال على ما يحكم به العقل القاطع من سقوط الوجوب بالامتثال، فعدم الامتثال موضوع للوجوب بقاءً، فباستصحابه يثبت الحكم،