المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

137

لفرض الإتيان بالشرط في ظرفه المتأخّر يكون ساقطاً بكلّ ما فيه من الأوامر الضمنية. فالأمر في مرتبة وجوده قابل للتحريك، وفي المرتبة الاُخرى ليس موجوداً أصلاً.

بقي في المقام شيء، وهو أنّه إذا تكلّمنا في آخر الوقت الذي لا يمكنه أن يأتي فيه بفرد جديد، تسجّل الإشكال الثاني (وهو إشكال عدم القدرة إلاّ على تقدير موافقة الاستصحاب للواقع) على جميع المباني الثلاثة؛ لأنّه غير قادر على فرد جديد، غاية الأمر أنّه على المبنى الأوّل نورد هذا الإشكال بعد التنزّل عن الإشكال الأوّل؛ إذ معه لا تصل النوبة إلى هذا الإشكال كما عرفت. وعلى المبنى الثاني والثالث نورده بلا حاجة إلى التنزّل؛ لعدم ورود الإشكال الأوّل فيهما.

وأمّا بيان ما هو الصحيح من هذه المباني الثلاثة، فالحق عدم سقوط الوجوبات الضمنيّة بالتدريج:

أمّا على مبنانا من عدم سقوط الوجوب الاستقلالي بالامتثال، فالأمر واضح، فإنّه ـ عندئذ ـ لا مجال لسقوط الأمر الضمني ـ أيضاً ـ نهائياً. نعم، حينما يأتي ببعض الأجزاء يسقط الأمر الاستقلالي عن الفاعلية من بعض الجهات دون بعض، أي: لا يحرّك نحو سدّ باب العدم الذي انسدّ، ويحرّك نحو سدّ أبواب اُخرى.

وأمّا على مبنى سقوط البعث والأمر الاستقلالي بالامتثال، لكون بقائه تحصيلاً للحاصل، وبعثاً نحو أمر قد حصل وتحقّق، فقد يتخيّل أنّ هذا البيان يأتي في الأوامر الضمنية أيضاً، فالأمر بالتكبيرة مثلاً قد سقط بعد الإتيان بها؛ لأنّه لو بقي لكان بعثاً نحو شيء حاصل.

لكنّ الصحيح عدم تأتّي هذه الشبهة في الأوامر الضمنيّة.

ونوضّح ذلك بالحديث في مقامين:

الأوّل في مقابل المبنى الثاني القائل بسقوط ما أتى به من الأوامر الضمنيّة سقوطاً محتّماً.

والثاني في مقابل المبنى الثالث القائل بسقوطها مشروطاً بالشرط المتأخّر.

أمّا المقام الأوّل: وهو في إبطال المبنى الثاني القائل بسقوط ما أتى به من الأوامر الضمنية سقوطاً محتّماً، فنحن نبرهن على بطلان هذا المبنى بوجوه أربعة، الأوّل والثاني منها يحلاّن أصل شبهة كون بقاء الأمر الضمني طلباً للحاصل، والثالث والرابع لا يحلاّن الشبهة وإن كانا يبرهنان على عدم السقوط، فان شئت فسمِّ الأوّلين بالجواب الحلّي، والأخيرين بالجواب النقضي.