المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

141

في مطلوباتنا الارتباطية.

قلت: المفروض أنّه على تقدير الامتثال وفي طول فرض الامتثال لا يوجد طلب، فلا يوجد وجدان يشخّص نوعيّة الطلب، وإنّما يوجد الطلب في المرتبة السابقة على الامتثال، وفي هذه المرتبة يكون الطلب باقياً على كلّيّته. وأمّا إذا بنينا على ما هو الصحيح من ثبوت الطلب حتّى بعد الامتثال، فهذا مساوق لما هو مختارنا من عدم سقوط الوجوب بالامتثال حتّى في الواجبات الاستقلالية. وعليه لا يبقى موضوع للبحث عن تعيين ما هو الصحيح من هذه المباني الثلاثة.

ثم إنّ هنا وجهاً آخر لإبطال المبنى الثالث، وهو أنْ يُبنى على ما هو الصحيح عندنا في الواجب الارتباطي من أنّ كلّ جزء من الأجزاء ليس مقيّداً بالجزء الآخر، فلو فرضنا انحلال الوجوب الاستقلالي في عالم الأمر إلى وجوبات عديدة بعدد الأجزاء، كان مقتضى برهان كون بقاء طلب الأمر بعد الامتثال طلباً للحاصل سقوط وجوب كلّ جزء بمجرّد الإتيان به منجّزاً؛ لأنّه لو أمر به كان طلباً للحاصل، فإنّ المطلوب هو ذات الجزء وقد حصل لا الجزء المقيّد بشرط متأخّر حتّى يفرض سقوطه أيضاً مشروطاً بشرط متأخر، فلا بدّ من السقوط منجّزاً لا مشروطاً.

بقي في المقام شيء: وهو أنّه قد مضى منّا في تصوير توجيه الأمر بالأجزاء غير المنسيّة إلى الناسي لبعض الأجزاء وجه، وهو أن يؤخذ التذكّر قيداً في نفس الواجب لا في الوجوب، وذلك بأن يقال: أيّها المتذكّر لبعض الأجزاء اِئتِ بما تكون متذكّراً له. وعنوان ما يكون متذكراً له يختلف في مقام الانطباق باختلاف الأشخاص في التذكّر وعدمه، فغير الناسي يجب عليه كلّ العمل لأنّه يتذكّر الكلّ، والناسي لأيّ مقدار يخرج ذلك المقدار عن هذا العنوان بالنسبة له.

وقد يتوهّم جريان هذا التوجيه في المقام لتصوير سقوط الواجبات الضمنية بالتدريج، وذلك بأن يؤخذ عدم الإتيان قيداً في الواجب لا في الوجوب، بأن يقال: يجب عليك المقدار غير المأتيّ به.

والجواب عن ذلك: أنّنا نتساءل: أيّ شيء تفرضه ظرفاً لعدم الإتيان الماخوذ قيداً في الواجب؟ هل ظرفه هو تمام الوقت، أي: أنّ الواجب هو الإتيان بالمقدار الذي لا يأتي به في شيء من الوقت أو ظرفه هو بعض الوقت على سبيل البدل، أي: أنّ الواجب هو الإتيان بالمقدار الذي لا يأتي به في بعض الوقت، أو ظرفه هو ظرف العمل، كما هو كذلك فيما ذكرناه