المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

142

من مسألة الناسي، أي: أنّ الواجب هو الإتيان بالمقدار الذي لا يأتي به عندما يأتي بالمقدار الآخر؟ فإن قيل بالثاني فلا أثر لهذا القيد في المقام؛ فإنّ هذا القيد حاصل في كلّ الأجزاء دائماً؛ إذ ما من جزء إلاّ وهو لا يأتي به في بعض الوقت وإن كان يأتي به في بعض آخر، فعندما أتى بجزء مّا لم يخرج ذلك الجزء عن كونه موصوفاً بأنّه لا يأتي به في بعض الوقت على سبيل البدل حتّى يقال بأنّه سقط وجوبه على هذا الأساس. وإن قيل بالأوّل أو الثالث ورد عليه:

أوّلاً: أنّه يلزم من ذلك أنّ من صلّى ينكشف له بعد صلاته أنّه لم تكن تجب عليه الصلاة؛ لأنّ الواجب هو الذي لا يأتي به في تمام الوقت أو في وقت العمل وقد أتى بذلك.

وثانياً: أنّه لا معنى لا يجاب ما لا يأتي به في تمام الوقت أو في ظرف العمل؛ لأنّ هذا الشيء بهذا العنوان يستحيل أن يتحقّق في الخارج إلاّ بأن ينسلخ عن عنوانه.

هذا كلّه لو أخذنا بالمسلك الأوّل في استصحاب عدم الامتثال، وهو القول بجريانه من باب أنّ عدم الامتثال موضوع لحكم شرعي وهو الوجوب بقاءً.

وأمّا لو بنينا على المسلك الثاني: وهو استصحاب عدم الامتثال بغضّ النظر عن فرضه موضوعاً لحكم شرعي، فالإشكال الأوّل غير وارد؛ لأنّه ليس الاستصحاب جارياً بلحاظ الشكّ في وجوب الركعة الرابعة حتّى يقال: لا شكّ لنا في بقاء الوجوب.

وأمّا الإشكال الثاني، فإن بنينا على المبنى الأوّل أو الثالث من المباني الثلاثة التي ذكرناها في حال الوجوبات الضمنية، لم يرد، كما لم يرد على المسلك الأوّل. وأمّا لو بنينا على المبنى الثاني فهناك كان الاستصحاب بلحاظ وجوب الركعة الرابعة؛ ولذا قلنا: بما أنّ وجوبها قد تعلّق برابعة في هذه الصلاة يحصل لنا الشكّ في القدرة، ويكون ثبوت القدرة مشروطاً بمطابقة الاستصحاب للواقع، فتسجّل الإشكال، وأمّا هنا فالاستصحاب لا يكون بلحاظ وجوبها، وإنّما هو بلحاظ لزوم الامتثال، أي: أنّ الاستصحاب يدلّ على لزوم الحركة نحو ما كُنّا نتحرّك إليه بحكم العقل لو كنّا نعلم بعدم الإتيان بالركعة الرابعة، وعليه فيجب أن نرى: أنّنا لو كنّا نعلم بذلك كان هذا العلم ـ مع كون المفروض تعلّق وجوب الركعة الرابعة بركعة في هذه الصلاة بالذات ـ يحرّكنا عقلاً نحو ماذا؟ فإن قيل: إنّه

يحرّكنا نحو الإتيان بالرابعة في هذه الصلاة بالذات تسجّل الإشكال هنا أيضاً؛ إذ لا يعلم بثبوت القدرة على ذلك إلاّ بناءً على مطابقة الاستصحاب للواقع، وإن قيل ـ ولو من باب القول بباطل في باطل ـ: إنّ هذا الوجوب الضمني المتعلّق برابعة في خصوص هذه الصلاة لا يجب امتثاله، بل يكون المكلّف ـ بغضّ النظر عن حرمة قطع الصلاة ـ مخيراً بين أن يأتي