المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

147

(إذا شككت وكان لك يقين فابنِ على اليقين). وعليه نقول: إنّه إذا اُريد باليقين المفروض وجوده في المقام اليقين الذي نحتاجه في الاستصحاب وهو اليقين بالحالة السابقة، فحذف اليقين في المقام طبيعيّ؛ وذلك باعتبار الملازمة الغالبيّة بين الشكّ واليقين عادةً؛ إذ ما من شكّ إلاّ ويوجد معه يقين بحالة سابقة لا أقلّ من العدم الذي هو الأصل في الأشياء، إلاّ في الاُمور الذاتية، فيقال: إنّ المتكلّم اعتمد في مقام بيان الشيء هنا على ذكر لازمه العادي، واقتصر على غالبيّة الملازمة، ولم يصرّح بثبوت اليقين. وأمّا إذا اُريد باليقين اليقين الذي نحتاجه في قاعدة اليقين وهو اليقين بنفس ما شكّ فيه بعد ذلك، فهذا قلّ ما يتّفق للإنسان في شكوكه، فإنّ الشكّ ـ بحسب الغالب ـ ليس مسبوقاً بيقين زال بنحو الشكّ الساري، فهذا اليقين لا بدّ من ذكره، وليس ممّا يعتمد في بيانه على الملازمة الواضحة، وعليه فالمعنى الثاني يحتاج إلى مؤونة زائدة بخلاف الثالث.

فالإنصاف تماميّة هذه الرواية دلالةً، بل هي أحسن من الروايات السابقة من ناحية تصريحه(عليه السلام) بكون ذلك قاعدة عامّة، إلاّ أنّها ضعيفة سنداً كما عرفت.

هذا. ولو غضضنا النظر عمّا ذكرناه، وكانت نسبة العبارة في نفسها إلى الاستصحاب والقاعدة على حدٍّ سواء، قلنا: إنّ ارتكازيّة الاستصحاب دون القاعدة تصرف العبارة إليه خصوصاً مع فقهائية الاستصحاب، أي: كونه مذكوراً ومطرحاً للبحث عند الفقهاء والاُصوليين منذ وجد الاُصول، بخلاف قاعدة اليقين التي هي فكرة مستحدثة عندهم.

وممّا يؤيد ظهور الرواية في الاستصحاب أنّ الراوي فهم بحسب اعتقاده المقصود، ولم يتردّد فيه، فانتقل إلى السؤال عن أنّ هذا أصل كلّي أو لا، ومن الواضح أنّ العبارة لو لم تكن ـ بالرغم من كلّ ما عرفت ـ ظاهرة في الاستصحاب فلا أقلّ من عدم ظهورها في قاعدة اليقين، ومن البعيد جدّاً أن ينتقل ذهن الراوي إذا كان سوّياً في تفكيره ـ بالرغم من ارتكازيّة الاستصحاب وفقهائيّته وكونه معترفاً به ولو في الجملة لثبوته في باب الطهارة الحدثية والخبثية على الأقلّ بناءً على المناقشة في التعدّي من مورد الصحيحتين الاُوليين، وغالبيّة ملازمة اليقين الاستصحابي مع الشكّ بخلاف اليقين في القاعدة ـ إلى قاعدة اليقين.

بقي هنا شيء: وهو أنّه لو فرض كون ذكر الصدوق لهذا الحديث في باب الخلل والشكّ في الركعات قرينة على أنّ الحديث كانت فيه قرينة تدلّ على وروده في باب الركعات، جاء هنا إشكال صيرورة ذلك موافقاً للتقيّة، وعند ئذ نقول: إن صحّ حمل الحديث على الاستصحاب بنحو لا يستلزم موافقة العامّة فبها ونعمت، وإلاّ حمل التطبيق على التقيّة،