المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

149

الظهور الأوّل: ظهور الرواية في كون زمان اليقين قبل زمان الشكّ، حيث قال: «من كان على يقين فشكّ»، وهذا الظهور استخدمه الشيخ الأعظم(قدس سره)(1) وغيره في صالح قاعدة اليقين، باعتبار أنّ هذه الخاصّيّة توجد في تلك القاعدة.

وتوضيح الكلام في ذلك: أنّه تارةً تحمل العبارة على كون ولادة الشكّ بعد اليقين، أي: بعد ولادته فلا ينافي تعاصره مع اليقين بأن يستمرّ اليقين إلى زمان الشكّ، واُخرى تحمل على كون ولادة الشكّ بعد اليقين، أي: بعد انتهاء أمده وموته. فعلى الثاني لا بدّ من حمل الحديث على قاعدة اليقين لتعاصر الشكّ مع اليقين في الاستصحاب دائماً. وأمّا على الأوّل فتنسجم العبارة مع كثير من موارد الاستصحاب أيضاً؛ لأنّه كثيراً ما يكون الشكّ في باب الاستصحاب متولّداً بعد اليقين، فلا بدّ لتتميم استظهار كون الحديث في قاعدة اليقين من ضمّ أحد أمرين:

الأوّل: أن يدّعى القطع من الخارج بعدم الفرق في باب الاستصحاب بين كون ولادة الشكّ بعد اليقين أو قبله أو معه، فيقال: إنّ أخذ البعديّة في الحديث قرينة على عدم إرادته للاستصحاب، وإرادته لقاعدة اليقين.

الثاني: أن يقصد النقض على من يرى الاستصحاب حجّة مطلقاً، أي: حتّى مع تقدّم الشكّ على اليقين أو تقارنه معه، فيقال: إنّه لو دار الأمر بين إرادة الاستصحاب بهذا الوجه وقاعدة اليقين تعيّنت قاعدة اليقين.

وقد يجاب على هذا الظهور المدّعى في المقام بأمور:

الأمر الأوّل: هو إنّ هذا التعبير جار مجرى الغالب من قبيل (وربائبكم اللاتي في حجوركم) حيث إنّ اليقين في الاستصحاب غالباً مقدّم على الشكّ.

وهذا الجواب إنّما يتمّ بناءً على استفادة تأخّر الشكّ من ولادة اليقين من الرواية. وأمّا بناءً على استفادة كون الشكّ حادثاً بعد موت اليقين فلا يأتي هذا الجواب، باعتبار أنّه في موارد الاستصحاب لا بدّ من اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد.

الأمر الثاني: ما في تقرير المحقّق العراقي(قدس سره)(2) من أنّ الترتّب في المقام لعلّه لم يقصد به الترتّب الزماني، بل قصد به الترتّب الرتبي من قبيل: حرّكت يدي فتحرّك المفتاح.


(1) راجع الرسائل: ص 333 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

(2) راجع نهاية الأفكار: القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص 63 ـ 64.