المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

151

الأمر الرابع: أنّنا حتّى لو أخذنا بأشدّ وجهي الإشكال يكون بإمكاننا دفعه.

توضيح ذلك: انّ الإشكال الذي بعّد الرواية عن الاستصحاب كان يمكن بيانه بأحد وجهين:

1 ـ استظهار كون الشكّ بعد ولادة اليقين، وهذا لا يكون في تمام موارد الاستصحاب، ولكنّه يكون في تمام موارد قاعدة اليقين.

2 ـ استظهار كون الشكّ بعد وفاة اليقين، وهذا لا يكون في شيء من موارد الاستصحاب، ويكون في موارد قاعدة اليقين، ولعلّ كون الشكّ بعد وفاة اليقين هو الأظهر من الرواية، لا لأنّه مهما فرض في العبارة الترتيب بين شيئين كان ظاهراً في كون الثاني بعد فوت الأوّل؛ بل لأنّه مهما فرض الترتيب بين شيئين هما متضادّان بحسب النظر العرفي كاليقين والشكّ كان ظاهر ذلك كون الثاني بعد موت الأوّل.

ولكن بالإمكان دفع الإشكال في المقام حتّى على تقريبه الثاني، وذلك بأن يقال: إنّ هذا الظهور لا يعيّن كون المراد بهذا الحديث قاعدة اليقين، بل ينسجم ـ أيضاً ـ مع كون المراد به الاستصحاب مع إعمال شيء يتعارف إعماله، وهو غضّ النظر عن خصوصية الزمان في المتيقّن والمشكوك، فيحسب حساب اليقين والشكّ بالنسبة لذات المتيقّن والمشكوك، وبهذا


وهذا جوابه: أنّ صفة المرآتية إنّما توجد في واقع اليقين الذي هو في نفس صاحبه لا في مفهوم اليقين الذي جاء في كلام الإمام(عليه السلام).

وقد تعمّق بإبراز نكتة لولاها لما تمّت هذه المرآتية، وهي مؤلّفة من مقدّمتين:

الاُولى: أنّ اليقين عين المتيقّن بالذات، كما أنّ الحبّ عين المحبوب بالذات، والبغض عين المبغوض بالذات.

والثانية: أنّ المتيقّن بالذات فان في المتيقّن بالعرض، باعتباره يرُى بمنظار الحمل الّاولي عينه كما هو الحال ـ أيضاً ـ في المحبوب بالذات والمحبوب بالعرض، أو المبغوض بالذات والمبغوض بالعرض.

وبالإمكان أن تفرض نفس هذه النكتة سبباً لاكتساب اليقين لون المتيقّن.

فإن فرض كذلك كان الجواب: أنّ المقدّمة الاُولى إنّما تصدق في واقع اليقين الذي هو في نفس صاحبه، لا في مفهوم اليقين الذي جاء في كلام الإمام(عليه السلام).

وقد يفرض أنّ مقصود المحقّق الخراساني(رحمه الله) هو: أنّ مفهوم اليقين فان في واقعه فناءَ العنوان في المعنون، وواقع اليقين مرآة للمتيقّن أو أنّه عين المتيقّن بالذات الفاني في المتيقّن بالعرض، إذن فمفهوم اليقين يكتسب بهذه الواسطة لون المتيقّن.

وهذا جوابه: أنّنا نرى أنّ الإنسان العرفي لو تيقّن اليوم بعدالة زيد في يوم سابق، وشكّ مقارناً ليقينه أو قبل يقينه في عدالته في هذا اليوم لا يقول: كان لي يقين فشككت.

وهذا الجواب يبطل رأساً كلّ هذه التقريبات الثلاثة.