المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

153

على يقينه» ظاهر في كون اليقين معاصراً لزمان وجوب المضيّ، وثابتاً فيه، وهذا لا يكون إلاّ في الاستصحاب، فهذا الظهور في صالح الاستصحاب.

ومن العجيب ما ذكره المحقّق النائيني(قدس سره)(1) والسيّد الاُستاذ(2) في مقام تقريب هذا الظهور من أنّ العناوين الاشتقاقية وقع الخلاف في صدقها عند انقضاء المبدأ وعدمه، فيقال: إنّ الصحيح عدم صدقها إلاّ بنحو من المسامحة والمجاز. وأمّا المصدر فمن الواضح بشاعة استعماله مع الانقضاء، فكيف يمكن فرض إطلاق اليقين في قوله:«فليمضِ على يقينه» مع فرض انقضاء المبدأ كما هو الحال في قاعدة اليقين؟!

أقول: إنّ من يحمل هذه الرواية على قاعدة اليقين لا يقصد بذلك أنّه استعمل اليقين في حالة كانت متّصفة باليقينيّة وقد زالت عنها هذه الصفة، ولا توجد عندنا حالة من هذا القبيل أصلاً، ولا ينظر من يحمل الرواية على القاعدة إلى ذلك أبداً، وإنّما مقصوده هو أنّ اليقين اُطلق على تلك الحالة السابقة التي انتهت وزالت، واُوجب المضيّ على تلك الحالة التي اسمها اليقين.

نعم، يمكن تقريب هذا الظهور بدعوى: أنّ الكلام المشتمل على حكم وموضوع كقوله: (أكرم العالم) ظاهر في تعاصر زمان العمل بالحكم مع الموضوع، فقوله:«فليمضِ على يقينه» ظاهر في تعاصر زمان المضيّ مع اليقين.

ويرد عليه: أنّه إن قصد لزوم تعاصر زمان الحكم مع زمان اتّصاف ذات الموضوع بعنوانه بنحو مفاد كان الناقصة، فهذا مسلّم، وهو ثابت في المقام، فإنّ تلك الحالة السابقة متّصفة حتّى الآن بكونها يقيناً بنحو مفاد كان الناقصة. وإن قصد لزوم تعاصر زمان الحكم لزمان وجود الموضوع بنحو مفاد كان التامّة، فهذا الظهور غيرمقبول. نعم، قد لا يتعقّل تحقّق متعلّق الحكم إلاّ مع وجود الموضوع كما في (إكرام العالم)، فلا بدّ من التعاصر لا محالة. وأمّا حينما لا يكون هكذا كما في المقام الذي يتصوّر المضيّ على اليقين حتّى بعد موت اليقين، فليس من اللازم ثبوت هذا التعاصر.

الظهور الثالث: ظهور الرواية في وحدة متعلق اليقين والشكّ. والوحدة من تمام الجهات حتّى جهة الزمان إنّما تكون في قاعدة اليقين دون الاستصحاب، فيجعل هذا في صالح قاعدة اليقين.


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 372.

(2) راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 66.