المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

155

يبقى إشكال: أنّ هذا لا يشمل فرض كون الشكّ معاصراً لليقين أو قبله. ويجاب عنه بما مضى من مسألة الارتكاز المعمِّم في المقام.

 

الرواية السادسة:

مكاتبة عليّ بن محمد القاساني، قال:«كتبت إليه وأنا بالمدينة عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب(عليه السلام): اليقين لا يدخل فيه الشكّ، صم للرؤية وافطر للرؤية»(1).

وقد عدّها الشيخ الأعظم(قدس سره) أظهر من الروايات السابقة(2) في الاستصحاب. ولعلّه لأجل عدم تطرّق احتمال عهديّة اللام كما كان يتطرّق في جملة من الروايات السابقة. فتدلّ الرواية بشكل عامّ على أنّ اليقين لا يرفع اليد عن أثره بالشكّ، وهو الاستصحاب.

وقد نوقش في الاستدلال بهذه الرواية بإبداء احتمالين مخالفين لفرض إرادة الاستصحاب.

الاحتمال الأوّل: ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله)(3) من دعوى أنّ المراد باليقين هو اليقين بشهر رمضان، وبالشكّ هو الشكّ فيه، وقد اُريد باليقين والشك المتيقّن والمشكوك في المقام. والمعنى: أنّ اليوم المشكوك كونه من شهر رمضان لا تدخله في شهر رمضان، ولا تجعله إلى صفّ الأيّام المتيقّن كونها من شهر رمضان، فمفادها مفاد روايات باب صوم يوم الشكّ الدالّة على اعتبار اليقين بدخول شهر رمضان في نيّة صومه. ولو حمل اليقين والشكّ في المقام على المعنى الاستصحابي للزم أن يكون الدخول في الرواية بمعنى النقض، وهذا بحاجة إلى عناية.

أقول: إنّه وإن وجدت روايات مفادها ذلك، لكن حمل هذه الرواية على ذلك بالتقريب الذي عرفت خلاف الظاهر. والدخول ـ على أيّ حال ـ لم يستعمل في معناه الأصلي حتّى لو أخذنا بتفسير المحقّق النائيني(رحمه الله)؛ فإنّ دخول يوم الشكّ في شهر رمضان ليس من قبيل دخول شخص في الغرفة، فلا بدّ من معنىً مسامحي، وليس ما يذكره المحقق النائيني(رحمه الله)أولى


(1) الوسائل: ج 10، باب 3 من أحكام شهر رمضان، ح 13، ص 255 ـ 256 بحسب طبعة آل البيت.

(2) راجع الرسائل: ص 334 بحسب طبعة رحمة الله.

(3) أجود التقريرات: ج 2، ص 373. وراجع ـ أيضاً ـ الفوائد: ج 4، ص336 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.