المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

166

يؤخذ في لسانه عنوان الشكّ يكون ظاهراً في كون الحكم الذي يبيّنه واقعياً، وليس ظهوره في الواقعية في طول إطلاقه لفرض العلم، حتّى يكون المخصّص الذي يقوى على هذا الإطلاق ويقدّم عليه مقدّماً على ذاك الظهور أيضاً؛ لكونه متولّداً من الإطلاق، فلا يكون أحسن حالاً من الإطلاق، وإنّما هو في عرض إطلاقه لفرض العلم، أي: أنّ عدم أخذ قيد الشكّ في موضوعه في لسان العام يولّد في عرض واحد ظهورين:

أحدهما: ظهور إطلاقي في شموله لفرض العلم.

وثانيهما: الظهور في الواقعية، وعليه فلا يكفي لرفع المنافاة بين العامّ والخاصّ إخراج خصوص النجس المعلوم النجاسة؛ إذ يبقى ـ عندئذ ـ المشكوك داخلاً في العام، وقد دلّ العام على كونه طاهراً بالطهارة الواقعية، والخاصّ على كونه نجساً واقعاً، وهما متنافيان، فلا بدّ من إخراج الخمر عن تحت العام بقول مطلق، أي: بلا تقييد بالعلم، وهذا ما يصنعه المحقّق الخراساني(رحمه الله) في الفقه في سائر الموارد، وكذا سائر الفقهاء، فحينما يرد عام يدّل على وجوب إكرام العالم مثلاً، ويرد مخصّص يخرج الفسّاق لا يقول أحد: إنّنا نستفيد من هذا وجوب الإكرام ظاهراً لعالم مشكوك الفسق.

الإيراد الثاني: ما نقله المحقّق الإصفهاني(رحمه الله) من كتاب الدرر للحاج الشيخ عبدالكريم اليزدي(قدس سره)(1) من أنّ جعل الطهارة الظهارية في قوله: «كلّ شيء طاهر» لغو؛ إذ لو كان كلّ شيء من الأشياء طاهراً بالطهارة الواقعية، ولم يبقَ مورد للشكّ في الطهارة والنجاسة، فأيّ فائدة لجعل الطهارة الظاهرية؟!

أقول: إنّ هذا الإيراد غير وارد، لا على التقريب الذي نحن ذكرناه، ولا على التقريب الذي ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله).

أمّا على التقريب الذي نحن ذكرناه فقد استفدنا الطهارة الظاهرية في المرتبة المتأخّرة عن التخصيص، وفي طوله، ومن المعلوم أنّه في هذه المرتبة قد قسّمت الأشياء إلى قسمين: طاهر


(1) ورد في نهاية الدراية: ج 5، ص 96 بحسب طبعة آل البيت، ذكر هذا الإشكال بلحاظ الشبهة الحكمية، ولم يذكر صاحب الإشكال، ولكن عبارة الدرر تنسجم مع فرض عدم التفصيل بين الشبهات الحكمية والموضوعية، حيث قال: (هذه القضية الجامعة لكلا الحكمين متى وصلت إلى المكلّف يرتفع شكّه من جهة اشتمالها على الحكم بطهارة جميع الأشياء بعناوينها الأوّليّة، فلا يبقى له شكّ حتّى يحتاج إلى العمل بالحكم الوارد على الشكّ. اللّهم إلاّ أن تحمل القضيّة على الإخبار والحكاية عن الواقع). راجع الدرر: ص 531 ـ 532 بحسب الطبعة الخامسة. وكأنّ السبب في تخصيص الإشكال في عبارة نهاية الدراية بالشبهة الحكمية وضوح أن دليل طهارة كلّ شيء بعد علمنا بخروج بعض الامور عنه ولو تخصيصاً لا يمكن أن يرفع الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة.