المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

169

الإنشاء إيجاداً للمعنى: إنّ هذا إيجاد واحد، فكيف ينحلّ إلى إيجادين طوليّين؟! كذلك يقال بناءً على كون الإنشاء إبرازاً للاعتبار: إنّ هذا إبراز لاعتبار واحد؛ لأنّ إبرازه لاعتبارين يكون على حدّ استعمال اللفظ في معنيين، فيقال هنا أيضاً: كيف ينحلّ الاعتبار الواحد إلى اعتبارين طوليّين؟!

والتحقيق: أنّ الإشكال بهذا التقريب الأوّل غير وارد على كلام المحقّق الخراساني سواء اُريد الإشكال بلحاظ مرحلة الجعل أو اُريد الاشكال بلحاظ مرحلة المجعول.

فإن اُريد الأوّل أجبنا عنه:

أوّلاً: بأنّ جعل الحكم الظاهري ليس في طول واقع جعل الحكم الواقعي حتّى يستحيل اتّحادهما خارجاً وجمعهما في جعل واحد، وإنّما هو في طول عنوان الحكم الواقعي. وتوضيح ذلك: أنّ الحكم الظاهري متأخّر عن عنوان الشكّ تأخر كلّ جعل في نفس المولى عن عنوان موضوعه في نفسه، لا عن واقع الموضوع خارجاً؛ إذ الجعل لا يتوقّف على الوجود الخارجي للموضوع، وعنوان الشكّ يكون باعتباره في المقام مضافاً إلى الحكم الواقعي متأخّراً عن عنوان الحكم الواقعي، فصار الحكم الظاهري متأخّراً عن عنوان الحكم الواقعي، لا عن واقعه، فلا بأس باتّحادهما جعلاً.

وثانياً: بأنّنا لو سلّمنا كون الجعل الظاهري في طول الجعل الواقعي، فهذا لا ينافي اتّحادهما خارجاً، كما أنّ الكلّ في طول الجزء مع أنّهما متّحدان خارجاً، وتعدّد الرتبة إنّما يستحيل اجتماعه مع الوحدة الخارجية إن كان تعدّداً بملاك التأثير، فالمؤثّر والأثر يستحيل اتّحادهما خارجاً، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل.

وإن اُريد الثاني أجبنا عنه:

أوّلاً: بأنّ فعلية المجعول الظاهري ليست في طول واقع المجعول الواقعي، بل في طول عنوانه؛ لأنّه وإن كان متأخّراً عن وجود الشكّ خارجاً تأخُّرَ فعلية كلّ حكم عن وجود موضوعه خارجاً، لكنّ الشكّ ليس متأخّراً عن المجعول الواقعي خارجاً، بل قد يشكّ في الحكم الواقعي مع أنّه في الواقع لا يوجد ذلك الحكم، وإنّما هو متأخّر عن عنوانه.

وثانياً: بما عرفته من الجواب الثاني عن الإشكال في مرحلة الجعل من أنّ تعدّد الرتبة في المقام لا ينافي الاتّحاد الخارجي.

وثالثاً: بأنّ الذي يلزم في المقام من شمول الحديث للحكم الواقعي والظاهري معاً إنّما هو وحدة الجعل خارجاً، لا وحدة المجعول خارجاً، ووحدة المجعول وتعدّده خارجاً إنّما يتبع